وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ
وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي إِيجَابِ الصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ وَأَنَّهُ كَغَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرَ عنه حديث بن عُمَرَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صاعا من تمر أو صاعا من شعير
قَالُوا وَذَلِكَ كَانَ قُوتَ الْقَوْمِ يَوْمَئِذٍ فَخَرَجَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ فَكُلُّ مَنِ اقْتَاتَ شَيْئًا مِنَ الْحُبُوبِ الْمَذْكُورَاتِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِ لَزِمَهُ إِخْرَاجُ صَاعٍ مِنْهُ
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّعِيرَ وَغَيْرَهُ
فَبَانَ بِذِكْرِهِ الطَّعَامَ هُنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْبُرَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّعِيرِ فِي الْحِنْطَةِ وَفِي الْمَكِيلَةِ بَلْ جَعَلَهُ كُلَّهُ صَاعًا صَاعًا
وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُجْزِئُهُ من البر نصف صاع فقول بن عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ وَقَدْ ذَكَرَ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ قَالَ فَعَدَلَ النَّاسُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ
وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كِبَارُ الصَّحَابَةِ
وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا حَدِيثُ الزهري عن بن أَبِي صُعَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ
وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ إِلَّا أنه لم يروه كبار أصحاب بن شِهَابٍ وَلَا مَنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ مِنْهُمْ إِذَا انفرد ولكنه لم تخالفه فِي رِوَايَتِهِ تِلْكَ غَيْرُهُ
وَرَوَى الثِّقَاتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ كَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ
وَرُوِيَ عَنْ أبي بكر وعمر وعثمان وبن مسعود وبن عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ ومعاوية وبن الزُّبَيْرِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَفِي الْأَسَانِيدِ عَنْ بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ (وَاخْتِلَافٌ