وهذا الحديث محفوظ لعكرمة عن بن عَبَّاسٍ وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَالَ عِكْرِمَةَ وَلِمَ تَرَكَ مَالِكٌ ذِكْرَهُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِهِ إِنْ كَانَ كَمَا ظَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَالِكًا طَرَحَ اسْمَهُ مِنْ كِتَابِهِ لِلَّذِي بَلَغَهُ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَمَا أَدْرِي صِحَّةَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنَ الْمُوَطَّأِ وَفِي ذَلِكَ مَا يُوهِنُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ قَدْ طَرَحَ ذِكْرَ اسْمِهِ مِنْ كِتَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالَّذِي أَوْجَبَ قَوْلَ الْقَائِلِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَبْلَغَكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ لِنَافِعٍ يَا نَافِعُ لَا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كذب عكرمة على بن عَبَّاسٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حديث بن عباس بعد حديث بن عُمَرَ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مُفَسِّرٌ لَهُ وَمُبَيِّنٌ لِمَعْنَى قوله فاقدروا له في حديث بن عمر
وكان بن عُمَرَ يَذْهَبُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فَاقْدِرُوا مَذْهَبًا خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِعَوْنِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ
وَمَا رواه بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثلاثين قد رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرَةَ وَحُذَيْفَةَ وَطَلْقٌ الْحَنَفِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ فاقدروا له إلا بن عُمَرَ وَحْدَهُ
عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَدْ رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِهِلَالِ رَمَضَانَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا
وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ وَلَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ فِي هذا الحديث ثلاثين يوما
ورواه بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر بلفظ حديث بن عَبَّاسٍ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ
وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُصَامُ رَمَضَانُ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنْ خُرُوجِ شَعْبَانَ وَالْيَقِينُ فِي ذَلِكَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ أَوْ إِكْمَالُ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَذَلِكَ لَا يَقْضِي بِخُرُوجِ رمضان إلا بيقين مِثْلُهُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشهر فليصمه) البقرة ١٨٥ يريد والله أعلم من عَلِمَ مِنْكُمْ بِدُخُولِ الشَّهْرِ عِلْمَ يَقِينٍ فَلْيَصُمْهُ وَالْعِلْمُ الْيَقِينُ الرُّؤْيَةُ الصَّحِيحَةُ الْفَاشِيَةُ الظَّاهِرَةُ أَوْ إكمال العدد