للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِهِ غَيْرُ طَاهِرَةٍ وَلَيْسَتْ كَالَّتِي تُصْبِحُ جُنُبًا فَتَصُومُ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَالْحَيْضَ ينقضه

قال أبو عمر قول بن الْمَاجِشُونِ فِي الَّتِي تُؤَخِّرُ غُسْلَهَا بَعْدَ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ أَنَّ يَوْمَهَا يَوْمُ فِطْرٍ لِأَنَّهَا كانت في بعضه حائض غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ وَكَيْفَ تَكُونُ فِي بَعْضِهِ حَائِضًا وَقَدْ كَمُلَ طُهْرُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَلِذَلِكَ أُمِرَتْ بِالْغُسْلِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَا أُمِرَتْ بِالْغُسْلِ بَلْ هِيَ طَاهِرٌ فَرَّطَتْ فِي غُسْلِهَا فَحُكْمُهَا وَحُكْمُ الْجَنْبِ سَوَاءٌ

وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ حَاشَا عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقَ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ

وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الشُّبْهَةُ فيه على بن الْمَاجِشُونِ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ لَهَا إِذَا لَمْ تُفَرِّطْ فِي الْحَيْضِ مِنْ غُسْلِهَا حُكْمَ الْحَائِضِ وَأَسَقَطَ عَنْهَا الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ تُدْرِكُ بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا

وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ

وَأَمَّا الصِّيَامُ فَالطُّهْرُ فِيهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ رُؤْيَتُهَا لِلنَّقَاءِ وَلَا يُرَاعُونَ غُسْلَهَا بِالْمَاءِ فَمَنْ طَلَعَ بِهَا الْفَجْرُ طَاهِرًا لَزِمَهَا صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الِاغْتِسَالُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النبي فِي الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا مَا فِيهِ غَنَاءٌ وَاكْتِفَاءٌ عَنْ قَوْلِ كُلِّ أَحَدٍ وَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مِثْلِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) الْبَقَرَةِ ١٨٧

فَإِذَا أُبِيحَ الْجِمَاعُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ

وَقَدْ نَزَعَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا

وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا أَنَّ الِاحْتِلَامَ بِالنَّهَارِ لَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ

وَفِي حَدِيثِ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>