للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فَمَعْلُومٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ

رَوَيْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ وَقَالَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِهَا لِلصَّائِمِ

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَهَا مَنْ كَرِهَهَا مِنْهُمْ لِمَا يُخْشَى عَلَى فَاعِلِهَا مِنَ الضَّعْفِ عَنْ تَمَامِ صَوْمِهِ مِنْ أَجْلِهَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا كُنَّا نَدَعُ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ إِلَّا مَخَافَةَ الْجَهْدِ

وَأَمَّا اخْتِلَافُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ لَا تُكْرَهُ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ إِلَّا خَشْيَةَ أَنْ يَضْعُفَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا احْتَجَمَ وَسَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً

وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنِ احْتَجَمَ الصَّائِمُ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَحْتَجِمَ أَحَدٌ صَائِمًا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُفْطِرْ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى صَوْمِهِ

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ وَاحِدًا مِنَ الْحَدِيثَيْنِ ثَابِتًا وَلَوْ تَوَقَّى رَجُلٌ الْحِجَامَةَ صَائِمًا كان أحب إلي إن احْتَجَمَ صَائِمًا لَمْ أَرَ ذَلِكَ يُفْطِرُهُ

وَأَمَّا أحمد بن حنبل وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ فَقَالَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجِمَ صَائِمًا فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ

وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَطَاءٌ

إِلَّا أَنَّ عَطَاءً قَالَ إِنِ احْتَجَمَ سَاهِيًا لِصَوْمِهِ أَوْ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنِ احْتَجَمَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ شَذَّ عَطَاءٌ عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ فِي إِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا خِلَافُ السُّنَّةِ فِيمَنِ اسْتَقَاءَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ القضاء والكفارة

وقال بن الْمُبَارَكِ مَنِ احْتَجَمَ قَضَى ذَلِكَ الْيَوْمَ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مَنِ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>