قَالَ أَبُو عُمَرَ صِيَامُ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا لِمُتَطَوِّعٍ وَلَا لِنَاذِرٍ وَلَا لِقَاضٍ فَرْضًا أَنْ يَصُومَهُمَا وَلَا لِمُتَمَتِّعٍ لَا يَجِدُ هَدْيًا وَلَا يَأْخُذُ مِنَ النَّاسِ
وَهُمَا يَوْمَانِ حَرَامٌ صِيَامُهُمَا فَمَنْ نَذَرَ صِيَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَدْ نَذَرَ مَعْصِيَةً وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ
وَلَوْ نَذَرَ نَاذِرٌ صِيَامَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ أَوْ صِيَامًا بِعَيْنِهِ مِثْلَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا فَوَافَقَ هَذَا الْيَوْمُ فِطَرًا أَوْ أَضْحًى فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَصُومُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا
فَفِي أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ وَجَمَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ قضاؤها
وهو قول بن كِنَانَةَ صَاحِبِ مَالِكٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَقْضِيهِمَا
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَآخِرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يَقْضِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُمَا وَلَا يَصُومَهُمَا
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِمَا
وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَقْضِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَقْضِيَهُمَا
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يصومهما
وروى الرواية الأولى بن وهب عنه والروايتان الأخريان رواهما بن وهب وبن القاسم عنه
قال بن الْقَاسِمِ قَوْلُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَقْضِيَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ
فَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الَّذِي لَيْسَ فِيِهِ ذَبْحٌ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ وَلَا يَدَعُهُ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامَ سَنَةٍ أَنَّهُ يَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا لِمَكَانِ رَمَضَانَ وَيَوْمَيْنِ لِمَكَانِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَيَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ