للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَوْلُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ لَمْ يُخْتَلَفْ عنه فيه وقول علقمة وعبيدة وبن سيرين والشعبي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ

وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ إِلَّا أَنَّهُمْ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ مُفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ

مِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَنْسُوخَةٌ جُمْلَةً فِي الشَّيْخِ وَفِي غَيْرِهِ

وَمِنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَنَّ النَّاسَ لَا يَخْلُونَ مِنْ إِقَامَةٍ أَوْ سَفَرٍ وَمِنْ صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فَالصَّحِيحُ الْمُقِيمُ غَيْرُ مُخَيَّرٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضًا وَاجِبًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِقَامَتِهِ بِبَلَدِهِ وَالْمُسَافِرُ يُخَيَّرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَلَا فِدْيَةَ وَالْمَرِيضُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يرجى برؤه وصحته فهذا إِنْ صَحَّ قَضَى مَا عَلَيْهِ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَإِنْ لَمْ يُطْمَعْ لَهُ بِصِحَّةٍ وَلَا قُوَّةٍ كَالشَّيْخِ وَالْعَجُوزِ اللَّذَيْنِ قَدِ انْقَطَعَتْ قوتهما ولا يطمعان أن يثوبا إليهما حال يمكنها مِنَ الْقَضَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا مِنْ فِدْيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيُّ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثور وَرِوَايَةٌ عَنْ قَتَادَةَ

إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ للشيخ الذي لا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْفِدْيَةِ بِالطَّعَامِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا لِمِسْكِينٍ مِنْ قُوتِهِ وَلَا يَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ

وَذَهَبَتِ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى تَقْرَأُ (يُطِيقُونَهُ) وَتَرَى الْآيَةَ مَنْسُوخَةً إِلَّا أَنَّ النَّسْخَ فِيهَا عَلَى بَعْضِ الْمُطِيقِينَ لِلصَّوْمِ

وَهِيَ مَحْكَمَةٌ عِنْدَ بعضهم فقالوا كل من طاف الصَّوْمَ فَلَا مَشَقَّةَ تَضُرُّ بِهِ فَالصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُطِقِ الصَّوْمَ إِلَّا بِجَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ مُضِرَّةٍ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) الْبَقَرَةِ ١٨٥

قَالُوا وَذَلِكَ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَ الصِّيَامَ إِلَّا بِجَهْدٍ ومشقة خوفا على الولد

ذهب إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَنَسُ بن مالك وبن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ

وَشُرَيْحٌ كَانَ يُطْعِمُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَصُومُ كَفِعْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>