وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ
وَمُحَصِّلُ مَذْهَبِ دَاوُدَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عَاصٍ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَالْمَاءُ طَاهِرٌ وَالْوُضُوءُ بِهِ جَائِزٌ مَا لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ نَجَاسَةٌ
وَرَوَى هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ فَغَمَسَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ فَلَا يُهْرِقْهُ
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي غَسْلِ الْيَدِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْعَلُ نَوْمَ النَّهَارِ مِثْلَ نَوْمٍ اللَّيْلِ وَيَقُولُ لَا بَأْسَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ أَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الَإِسْنَادَيْنِ وَالرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَذَكَر أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمِهِ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَقَالَ أَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَيْسَ بِهِ عِنْدِي بَأْسٌ وَأَمَّا إِذَا قَامَ مِنَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ فَلَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا قِيلَ لِأَحْمَدَ فَمَا يَصْنَعُ بِذَلِكَ قَالَ إِنْ صَبَّ الْمَاءَ وَأَبْدَلَهُ فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَسْهَلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا خَرَجَ ذِكْرُ الْمَبِيتِ عَلَى الْأَغْلَبِ وَنَوْمُ النَّهَارِ فِي مَعْنَى نَوْمِ اللَّيْلِ فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ نَوْمٌ كُلُّهُ
وَفِي قَوْلِهِمْ بَتُّ أُرَاعِي النُّجُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ غَيْرَ النَّوْمِ وَأَنَّهُ يَكُونُ بِنَوْمٍ وَبِغَيْرِ نَوْمٍ
وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِمَذْهَبِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ وُرُودِهَا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى النَّائِمِ الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ نَوْمِهِ أَنْ تَكُونَ فِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ - أَمَرَهُ بِطَرْحِ الْمَاءِ مِنَ الْإِنَاءِ عَلَى يَدِهِ لِيَغْسِلَهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِدْخَالِ يَدِهِ فِي الْإِنَاءِ لِيَغْسِلَهَا فِيهِ بَلْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَدَلَّنَا ذَلِكَ مَعَ نَهْيِهِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الذائم وَحَدِيثِ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ وَأَمْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute