قال أبو عمر ذكر بن خواز بنداذ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي الْمُعْتَكِفِ يَأْتِي كَبِيرَةً أَنَّهُ قَدْ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَؤُلَاءِ يُبْطِلُونَ الِاعْتِكَافَ بِتَرْكِ سُنَّةٍ عَمْدًا فَكَيْفَ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ فِيهِ
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْ سَكِرَ لَيْلًا لَمْ يَفْسُدِ اعْتِكَافُهُ يَعْنِي إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ السُّكْرَ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُ فِي الِاعْتِكَافِ شَرْطًا وَإِنَّمَا الِاعْتِكَافُ عَمَلٌ مِنَ الْأَعْمَالِ مِثْلُ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمُوَطَّأِ
وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ لَا يُبْطِلُ شَيْئًا مِنْ سُنَّتِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا عَلَى سُنَّتِهِ كَسَائِرِ مَا ذَكَرَ مَعَهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ
قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَا عَلَى الْمُعْتَكِفِ الصَّوْمُ وإن نوى ألا يصوم
وبه قال بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ فَأَجْمَعُوا أَنْ لَا مَدْخَلَ لِلشَّرْطِ فِيهِمَا وَأَمَّا الْحَجُّ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمَنْ أَجَازَ فِيهِ الْإِشْرَاطَ احْتَجَّ بِحَدِيثِ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمَطَّلِبِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَهَا أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاشْرُطِي أَنْ تَحُلِّي حَيْثُ حُبِسْتِ وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ مِمَّا فِيهَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَالشَّرْطُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى عَرَضَهُ مَا يَقْطَعُهُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ إِنْ شَاءَ وَلَا يَبْتَدِئَ فَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ أَنَّهُ إِذَا أَتَى مَا يَقْطَعُ اعْتِكَافَهُ ابْتَدَأَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ شَرْطُهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ اعْتِكَافِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لَهُ شَرْطُهُ إِذَا اشْتَرَطَ فِي حِينِ دُخُولِهِ فِي اعْتِكَافِهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ شُيُوخِهِ بِالْأَسَانِيدِ أَنَّ قَتَادَةَ وَعَطَاءً وَإِبْرَاهِيمَ أَجَازُوا الشَّرْطَ لِلْمُعْتَكِفِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ وَالْجُمُعَةِ وَأَنْ يَأْتِيَ الْخَلَاءَ فِي بَيْتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ