قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُهُ مَعَ جُمْلَةِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَا عَلَى مَنْ نَذَرَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالدُّخُولِ فِيهِ كَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ النَّافِلَتَيْنِ
وَقَدِ اختلف العلماء في أقل ما يلزمه ها هنا وَلَمْ يُرْوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافًا
وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اعْتِكَافَهُ كَانَ تَطَوُّعًا
وَقَدْ أَوْضَحْنَا وَجْهَ قَضَائِهِ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ فِي اعْتِكَافِهِ بِمَا لَا معنى لإعادته ها هنا
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَلِّ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ فَ روى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَقَلَّهُ عِنْدَهُ ثَلَاثَةُ أيام
وذكر بن حَبِيبٍ أَنَّ أَقَلَّهُ عِنْدَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ
وَقَالَ بن الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَفْتُ مَالِكًا عَلَى ذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ أَقَلُّهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَلَا يَعْتَكِفُ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْجَامِعِ إِلَّا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَلَا حَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ فِي أَقَلِّ مُدَّتِهِ
وروى بن جريج عن عطاء عن بن أُمَيَّةَ قَالَ إِنِّي لَأَمْكُثُ سَاعَةً مُعْتَكِفًا
قَالَ عَطَاءٌ وَسَمِعْتُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
قَالَ عَطَاءٌ وَالِاعْتِكَافُ مَا مَكَثَ فِيهِ الْمُعْتَكِفُ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ إِنَّهَا إِذَا اعْتَكَفَتْ ثُمَّ حَاضَتْ فِي اعْتِكَافِهَا إِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ أَيَّةَ سَاعَةٍ طَهُرَتْ ثُمَّ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنِ اعْتِكَافِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَتَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ فَتَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صِيَامِهَا وَلَا تُؤَخِّرُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ الْمُعْتَكِفَةِ تَحِيضُ كَحُكْمِ مَنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مُتَتَابِعَاتٌ صِيَامٌ مُتَتَابِعٌ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مُتَتَابِعَاتٌ فَمَرِضَ أَوِ امْرَأَةٌ كَانَ عَلْيَهَا صِيَامٌ مُتَتَابِعٌ فَمَرِضَتْ أَوْ حَاضَتْ فِي بَابِ صِيَامِ الَّذِي يَقْتُلُ خَطَأً أَوْ يَتَظَاهَرُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمُعْتَكِفَةُ خَرَجْتَ إِلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ قَضَتْ ذَلِكَ