قال وذكر بن وضاح عن بن وَهْبٍ قَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ الْحِكْمَةُ وَالْعِلْمُ نُورٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيُؤْتِي مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ وَلَيْسَ بِكَثْرَةِ الْمَسَائِلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ على أن بن عَبَّاسٍ قَدْ كَانَ عِنْدَهُ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عِلْمٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْبَأَهُ ذَلِكَ أَبُو أَيُّوبَ أَوْ غَيْرُهُ
أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ أرسلني إليك بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَقُلْ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلِمٌ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غَسْلِ رَأْسِهِ فَكَانَ مَالِكٌ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ لِلْمُحْرِمِ وَيَكْرَهُهُ لَهُ
وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا مِنِ احْتِلَامٍ
قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا أَوْفَى الْمُحْرِمُ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ جَازَ لَهُ غَسْلُ رَأْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ قَبْلَ الْحَلْقِ لِأَنَّهُ إِذَا رَمَى جمرة العقبة فقد حل له قتل القمل وحلق الشعر وإلقاء التفث ولبس الثياب
قال وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَرَوَى جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ رَأَى قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ غَسَلَ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ بِالشَّجَرَةِ فَالْتَفَتَ فَإِذَا هَدْيُهُ قَدْ قُلِّدَتْ فَقَامَ فَأَهَلَّ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ شِقَّ رَأْسِهِ الْآخَرَ
وَفِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ أَوْ قُلِّدَ عَنْهُ هَدْيُهُ بِأَمْرِهِ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ سَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَفِيهِ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ
وَيُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ مُحْرِمًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِيهِ حُجَّةٌ وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَحْمِلُهُ على العموم