وَالْمَذَاهِبِ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَوْجُودًا وَهُوَ عَنَدَ الْعُلَمَاءِ أَصَحُّ مَا يَكُونَ فِي الِاخْتِلَافِ إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ بَعْدِهِمْ فَلَيْسَ اخْتِلَافُهُمْ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ بِالتَّأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ فِيمَا سَمِعُوهُ أَوْ رَأَوْهُ أَوْ فِيمَا انْفَرَدَ بِعِلْمِهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ أَوْ فِيمَا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ فِي فِعْلِهِ لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتِهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ سُنَّةٌ وَأَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى ما خلفها وَلَيْسَ مَنْ خَالَفَهَا عَلَيْهَا حُجَّةٌ
أَلَا تَرَى أن بن عمر لما قال له بن جُرَيْجٍ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَشْيَاءَ لَمْ يَصْنَعْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَمْ يَسْتَوْحِشْ مِنْ مُفَارَقَةِ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يقل له بن جُرَيْجٍ الْجَمَاعَةُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ وَلَعَلَّكَ قَدْ وَهِمْتَ كَمَا يَقُولُ الْيَوْمَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بَلِ انْقَادَ لِلْحَقِّ إِذْ سَمِعَهُ وَهَكَذَا يَلْزَمُ الْجَمِيعُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ فَالسُّنَّةُ الَّتِي عَلَيْهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ أَنَّ ذَيْنِكَ الرُّكْنَيْنِ يُسْتَلَمَانِ دون غيرهما
وروينا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ الذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَتِمَّ عَلَى قَوَاعِدَ إِبْرَاهِيمَ
وَأَمَّا السَّلَفُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فروي عن جابر وأنس وبن الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) أَنَّهُمُ كانوا يَسْتَلِمُونَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا
وَعَنْ عُرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَنْ يَتَّقِ شَيْئًا مِنَ الْبَيْتِ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ لِمُعَاوِيَةَ أَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute