وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَأَبُو بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ
وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقِ بْنِ دِينَارٍ الْبَصَرِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَلْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ هِلَالَ ذِي الحجة فأراد أن يضحي فلا يأخذ من شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَرَكَ مَالِكٌ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَقَالَهُ عَنْهُ عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ فَقُلْتُ لِجُلَسَائِهِ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَةُ وَهُوَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ وَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ
وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَمَرَّةً قَالَ مَنْ أَرَادَ الضَّحِيَّةَ لَمْ يَمَسَّ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مَنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ
وَمَرَّةً قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ أَخْذَ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ
وقال الأوزاعي إذا اشترى أضحيته بعد ما دَخَلَ الْعَشْرُ فَإِنَّهُ يَكُفُّ عَنْ قَصِّ شَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْعَشْرُ فَلَا بَأْسَ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ
وَاخْتُلِفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي ذَلِكَ وَرُوِيَ عنه أنه أفتى بِمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عِمَارَةِ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَا بَأْسَ بِالِاطِّلَاءِ بِالنَّوْرَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ
وَهُوَ أَتْرَكُ لِمَا رَوَاهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْجِمَاعِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ وَأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فَحَلْقُ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ في حديث أم سلمة أن بن عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ موقوفا عليها وكذلك رواه بن وَهْبٍ قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَضَعَّفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيِثِ هَذَا وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ شَيْخِ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ رَوَاهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي عُمَرَ بن مسلم بن أكيمة الليثي وهو بن أخي الذي روى عنه بن شِهَابٍ
قَالَ أَحْمَدُ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ الْهَدْيَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَبَقَى سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ
وَذَكَرْتُهُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ ذَاكَ لَهُ وَجْهٌ وَهَذَا لَهُ وَجْهٌ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْمِصْرِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ لِمَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ
قَالَ أَحْمَدُ وَهَكَذَا أَقُولُ حَدِيثُ عَائِشَةَ هُوَ عَلَى الْمُقِيمِ الَّذِي يُرْسِلُ بِهَدْيِهِ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْهَدْيِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ شَيْئًا وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ هُوَ عِنْدِي عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي مِصْرِهِ
حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْهُ الْأَثْرَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ لَمْ يَجْتَنِبْ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحُضُّ عَلَى الضَّحِيَّةِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَامِ الَّذِي بَعَثَ فِيهِ بِهَدْيِهِ وَلَمْ يَبْعَثْ بِهَدْيِهِ لِيُنْحَرَ عَنْهُ بِمَكَّةَ إِلَّا سَنَةَ تِسْعٍ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يُوجَدُ أَنَّهُ لَمْ يُضَحِّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ جَوَازِ الْإِجْمَاعِ أَنْ يَجُوزَ مَا دُونَهُ مِنْ حِلَاقِ الشَّعَرِ وَقَطَعِ الظُّفُرِ وَبِاللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ صَحَّحَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا وَقَالَ بِهِ وَخَالَفَ أَصْحَابَهُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ طُرُقَهُ وَالِاخْتِلَافَ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُهَا يَشُدُّ بَعْضًا وَقَالَ لَيْسَ شَيْخُ