للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَمَعَانٍ

أَحَدُهَا التَّمَتُّعُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَا أَوْرَدَ مَالِكٌ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ مُوَطَّئِهِ

٧٢٩ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ فَبَيَّنَ بِهِ مَعْنَى التَّمَتُّعِ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْوَقْفَةِ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْحَجُّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عن بن عُمَرَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ التَّمَتُّعُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلى الحج) البقرة ١٩٦ إلا أَنَّهُ قَصَّرَ فِيهِ وَأَجْمَلَ مَا فُسِّرَ فِيهِ مَعْنَى التَّمَتُّعِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّ حَجَّ يَعْنِي فِي عَامِهِ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَيَكُونُ مَسْكَنُهُ وَأَهْلُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمَوَاقِيتِ إِلَى سَائِرِ الْآفَاقِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَطَافَ بِعُمْرَةٍ لِلَّهِ وَسَعَى لَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ كما قال بن عُمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالسَّعْيِ لَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ قَبْلَ أَوَانِ عَمَلِ الْحَجِّ ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجُّ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ حِلِّهِ فَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَذَا مُتَمَتِّعٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ

فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَطَافَ لَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْكَلَامِ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَعْدٍ وَالضَّحَّاكِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي وُجُوهِ التَّمَتُّعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَمِنْ مَعْنَى التَّمَتُّعِ أَيْضًا الْقِرَانُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْقَارِنَ يَتَمَتَّعُ بِسُقُوطِ سَفَرِهِ الثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ كَمَا صَنَعَ الْمُتَمَتِّعُ فِي عُمْرَتِهِ إِذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَى بَلَدِهِ

فَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ يَتَّفِقَانِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ يَتَّفِقَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْهَدْيِ وَالصِّيَامِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مِنْهَا

وَأَمَّا قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ فِي التَّمَتُّعِ إِنَّهُ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ فإنه لم يَكُنْ عِنْدَهُ عَلِمٌ فِي سَبَبِ نَهْيِ عُمَرَ عن التمتع

<<  <  ج: ص:  >  >>