للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي التَّمْهِيدِ وَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَهَذَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْإِفْرَادِ

وَلَا يَصِحُّ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا إِلَّا تَمَتُّعَ قِرَانٍ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا وَيَفْسَخُوا حَجَّهُمْ فِي عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ أَقَامَ مُحْرِمًا مِنْ أَجْلِ هَدْيِهِ إِلَى مَحِلِّ الْهَدْيِ يَوْمَ يَنْحَرُ وَهَذَا حُكْمُ الْقَارِنِ لَا حُكْمُ الْمُتَمَتِّعِ

وَقَدْ تَأَوَّلَ مَنْ قَالَ بِالْإِقْرَانِ قَوْلَهُ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ هَذَا وَفِيهِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ المذكور

وفي قول بن عُمَرَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَسَاقَ الْهَدْيَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ أَضَافُوهُ إِلَيْهِ لِأَمْرِهِ بِهِ فَأَشَارَ بِهِ لَا أَنَّهُ يَعْلَمُهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ كَمَا قَالُوا رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّانِي الْمُحْصَنَ وَقَطَعَ السَّارِقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ

وَهَذَا اعْتِلَالٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ مَنْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ أَيْ أَبَاحَهُ وَأَذِنَ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فِي خَاصَّتِهِ

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَجٌ يَدْعُو بِهَا يَطُولُ ذِكْرُهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا أُصُولَهَا وَعُيُونَهَا فِي التَّمْهِيدِ وَفِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَفِي هَذَا الْبَابِ

قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ انْقَطَعَ إِلَى غَيْرِهَا وَسَكَنَ سِوَاهَا ثُمَّ قَدِمَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْهَا إِنَّهُ متمتع يجب عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوِ الصِّيَامُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِثْلَ أَهْلِ مَكَّةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلا شذوذ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَلَا الْتَفَتَ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ

وَذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رجل من غير أهل مكة دخل مكة بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بمكة ينشئ الحج أامتمتع هُوَ فَقَالَ نَعَمْ هُوَ مُتَمَتِّعٌ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ أَهْلِ مَكَّةَ وَإِنْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا الْهَدْيُ أَوِ الصِّيَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ وَلَا يَدْرِي مَا يَبْدُو لَهُ بعد ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>