للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا فَقَالَ لَهُ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ فَهَذَا بَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْقِرَانَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ وَلَكِنَّهُ اسْتَحَبَّ الْإِفْرَادَ لِأَنَّهُ إِذَا أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ قَصَدَ الْبَيْتَ مِنْ قَابِلِ الْعُمْرَةِ أَوْ قَبْلَهَا فِي عَامِهِ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ عَمَلُهُ وَتَعَبُهُ وَنَفَقَتُهُ أَكْثَرَ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ يَسْتَحِبُّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَا اسْتَحَبَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ كُلُّ ذَلِكَ حِرْصٌ مِنْهُ عَلَى زِيَارَةِ الْبَيْتِ وَعَلَى كَثْرَةِ الْعَمَلِ لِأَنَّ مَنْ أَفْرَدَ عُمْرَتَهُ مِنْ حَجِّهِ كَانَ أَكْثَرَ عَمَلًا مِنَ الْقَارِنِ وَمَنْ كَانَ أَكْثَرَ عَمَلًا كَانَ أَكْثَرَ أَجْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لِمَا أَعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اسْتِحْبَابِهِ الْإِفْرَادَ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفْرِدًا فِي حِجَّتِهِ فَمَالَ إِلَى ذَلِكَ وَاسْتَحَبَّهُ وَلَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ ١٩٦ قَالَ إِتْمَامُهَا أَنْ تُفْرِدَهَا وَتُفْرِدَ الْحَجَّ

وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ غَيْرَهُ إِلَّا طَاوُسًا

وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُهُ هَذَا افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَعُمْرَتِهِ

وَلِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) أَقْوَالٌ مِنْهَا

قَوْلُ عُمَرَ هَذَا

وَمِنْهَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَطَائِفَةٍ قَالُوا إِتْمَامُهَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ مَنْزِلِكَ أَوْ مَسْكَنِكَ

وَمِنْهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) أَيْ أَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ طَاوُسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) قَالَ إِتْمَامُهُمَا أَنْ تُفْرِدَهُمَا وَتُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا خُوطِبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ دَخَلَ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سالم قال سئل بن عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَأَمَرَ بِهَا فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ تُخَالِفُ أَبَاكَ فَقَالَ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَقُلِ الَّذِي تَقُولُونَ إِنَّمَا قَالَ عُمَرُ أَفْرِدُوا الْحَجَّ مِنَ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِلْحَجِّ وَأَتَمُّ لِلْعُمْرَةِ أَيْ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَتِمُّ في شهور الحج إلا بهدي وأراد أن يُزَارَ الْبَيْتُ فِي غَيْرِ شُهُورِ الْحَجِّ فَجَعَلْتُمُوهَا أَنْتُمْ حَرَامًا وَعَاقَبْتُمُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَوْ عُمَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>