الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَدْرَكَهُ الصَّائِدُ مِنْ يَوْمِهِ أَكَلَهُ فِي الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا إِذَا كَانَ فِيهِ أَثَرُ جُرْحِهِ أَثَرًا بَلَغَ الْقَتْلَ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاتَ عَنْهُ لَمْ يَأْكُلْهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَرِهْتُ أَكْلَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا تَوَارَى عَنْهُ الصَّيْدُ وَهُوَ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ وَهُوَ قَدْ قَتَلَهُ كَلْبُهُ أَوْ سَهْمُهُ جَازَ أَكْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَاشْتَغَلَ بِعَمَلٍ غَيْرِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ مَقْتُولًا وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ كَرِهْنَا أَكْلَهُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا وَجَدَهُ مِنَ الْغَدِ مَيِّتًا فَوَجَدَ فِيهِ سَهْمَهُ وَأَثَرَهُ فَلْيَأْكُلْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْقِيَاسُ لَا يَأْكُلُهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَعْنِي لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَمَاتَ مِنْ رميته أو من غيرها
وروي عن بن عَبَّاسٍ كُلْ مَا أَصَبْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ
يَقُولُ كُلْ مَا عَايَنْتَ صَيْدَهُ وَمَوْتَهُ مِنْ سِلَاحِكَ أَوْ كِلَابِكَ وَدَعْ مَا غَابَ عَنْكَ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ مَا غَابَ عَنْهُ مَصْرَعُهُ مِنَ الصَّيْدِ
وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو رَزِينٍ مَوْلَى أَبِي وَائِلٍ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ
وَرَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يُدْرِكُ صَيْدَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ يَأْكُلُهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ
وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَفِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّيْدِ يَغِيبُ عَنْ صَاحِبِهِ اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَانِ فَقَالَ إِذَا وَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ وَلَمْ تَجِدْ أَثَرَ سَبُعٍ وَعَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ فَكُلْهُ
وَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ الصَّيْدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ