فَأَمَّا الْكَلْبُ الْعَقُورُ فَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ مَذْهَبَهُ فيه في موطئه على حسب ما أوردناه
ومذهب بن عُيَيْنَةَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ نَحْوُ مَذْهَبِ مَالِكٍ
قال بن عُيَيْنَةَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ كُلُّ سَبُعٍ يَعْقِرُ وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ الْكَلْبَ
قَالَ سُفْيَانُ وَفَسَّرَهُ لِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ كَذَلِكَ
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ
وَرُوَى زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَبَلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ كَالْأَسَدِ
فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ الْكِلَابَ الْإِنْسِيَةَ الْعَادِي مِنْهَا وَلَا غَيْرَ الْعَادِي دُونَ سَائِرِ مَا يَعْقِرُ النَّاسَ وَيَعْدُوُ عَلَيْهِمْ مِنَ السِّبَاعِ كُلِّهَا
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَعَدَى عَلَيْهِ الْأَسَدُ فَقَتَلَهُ
وَمَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ
قَالَ الثَّوْرِيُّ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ
قَالَ وَهُوَ كُلُّ مَا عَدَا عَلَيْكَ مِنَ السِّبَاعِ تَقْتُلُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْكَ
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ نَحْوُ ذَلِكَ أَيْضًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْكَلْبُ الْعَقُورُ مَا عَدَا عَلَى النَّاسِ مِنَ الْكِلَابِ
قَالَ وَمِثْلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ مِثْلُ النَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ
وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ تَقْتُلُ كُلَّ مَا عَدَا عَلَيْكَ وَعَقَرَكَ وَآذَاكَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْكَ
فَهَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ مَذَاهِبُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْعِبَارَةِ عَنِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَكُلُّهُمْ لَا يَرَى مَا لَيْسَ مِنَ السِّبَاعِ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ فِي الْأَغْلَبِ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي شَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَهُمْ قَتَلُ الْهِرِّ الْوَحْشِ وَلَا الثَّعْلَبِ وَلَا الضَّبْعِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ السِّبَاعِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالذِّئْبَ فَقَطْ يَقْتُلُهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا ابْتَدَأَهُ أَوِ ابْتَدَأَهُمَا وَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ السِّبَاعِ فَدَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَهُ السَّبُعُ فَإِنِ ابْتَدَأَهُ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْتَدِئُهُ وَقَتَلَهُ أَفْدَاهُ