وَفِيهِ أَنَّ عَلَى الْعَالِمِ وَالْإِمَامِ أَنْ يُغَيِّرَ مِنَ الْمُنْكِرِ كُلَّ مَا يُمْكِنُهُ بِحَسَبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِذَا رَآهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِيمَا غَابَ عَنْهُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِنَّ وَلَا مِنْهُنَّ الْفِتْنَةُ وَمِنَ الْخُرُوجِ وَالْمَشْيِ مِنْهُنَّ فِي الْحَوَاضِرِ وَالْأَسْوَاقِ وَحَيْثُ يَنْظُرْنَ إِلَى الرِّجَالِ وَيُنْظَرُ إِلَيْهِنَّ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَحُجَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمَرْأَةِ الْخَثْعَمِيَّةِ حُجِّي عَنْ أَبِيكِ وَلَمْ يَقُلْ إِنْ كَانَ مَعَكِ ذُو مَحْرَمٍ
وَهَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ مِنَ الدَّلِيلِ لِأَنَّ الْعِلْمَ مَا نُطِقَ بِهِ لَا مَا سُكِتَ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي لَهُ سُنَّ وَذَلِكَ حَجُّ الْمَرْءِ عَنْ مَنْ لَا يُطِيقُ الْحَجَّ مِنَ الْأَحْيَاءِ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَخْصُوصٌ بِهِ أَبُو الْخَثْعَمِيَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى بِهِ إِلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آلِ عِمْرَانَ ٩٧ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو الْخَثْعَمِيَّةِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ لَمَّا لَمْ يَسْتَطِعْ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَخُصَّ بِأَنْ يُقْضَى عَنْهُ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَخُصَّتِ ابْنَتُهُ أَيْضًا أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا وَهُوَ حَيٌّ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ قَالُوا خُصَّ أَبُو الْخَثْعَمِيَّةِ وَالْخَثْعَمِيَّةُ بِذَلِكَ كَمَا خُصَّ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بِرَضَاعِهِ فِي حَالِ الْكِبَرِ
وَهَذَا مِمَّا يَقُولُ بِهِ الْمُخَالِفُ فَيَلْزَمُهُ
وَرُوِيَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعِكْرِمَةَ وعطاء والضحاك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute