قَالَ أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال إن أختي نذرت أن تَحُجَّ فَمَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ أَرَأَيْتَ لو كان عليها دين فقضيه اللَّهُ أَوْلَى بِالْوَفَاءِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ
وَفِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنْ لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ عَنْ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الصِّيَامِ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ إِيجَابِ الْحَجِّ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِمَالِهِ وضعف عن إقامته ببدنه جواز حج الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِهِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ
فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِلصَّحِيحِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ بِالْحَجِّ عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَجْزَاهُ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ فِي الْحَجِّ
وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيُوصِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنْ هُوَ لَمْ يُوصِ فَحَجَّ عَنْهُ وَلَدُهُ فَحَسَنٌ فَإِنَّمَا هُوَ دَيْنٌ يَقْضِيهِ
قَالَ وَقَدْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لِذِي الْقَرَابَةِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ قَرَابَتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا قَرَابَةَ لَهُ فَمَوَالِيهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَوَالِي فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ فَإِنْ أَحَجُّوا عَنْهُ رَجُلًا تَطَوُّعًا فَلَا بَأْسَ
قَالَ سُفْيَانُ وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَلْيُحَجَّ عَنْهُ وَلَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَحُجَّ عن نفسه
وقال بن أَبِي لَيْلَى والْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يُحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ وَيَجْزِيهِ