للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَ يَبْتَدِئُ طَوَافَهُ مِنَ الْحَجَرِ وَهَذَا مَا لَا خلاف فيه أيضا

وروى بن وهب عن يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حين يَقْدُمُ مَكَّةَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا بَدَأَ مِنَ الْحَجَرِ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّاخِلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَوْ غَيْرِهِ أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ بِهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ يَقْصِدُهُ فَيُقَبِّلُهُ إِنِ اسْتَطَاعَ أَوْ يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ وَيُقَبِّلُهَا بَعْدَ أَنْ يَضَعَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ قَامَ بِحِذَائِهِ فَكَبَّرَ ثُمَّ أَخَذَ فِي طَوَافِهِ ثُمَّ يَمْضِي عَلَى يَمِينِهِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ إِلَى الرُّكْنِ الَّذِي لَا يُسْتَلَمُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ مِثْلَهُ ثُمَّ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْيَمَانِيُّ الَّذِي يُسْتَلَمُ وَهُوَ يَلِي الْأَسْوَدَ ثُمَّ إِلَى رُكْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ

هَذَا حُكْمُ كُلِّ طَوَافٍ وَاجِبٍ وَغَيْرِ وَاجِبٍ وَهَذِهِ طَوْفَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ يَرْمُلُ فِيهَا ثُمَّ أَرْبَعَةً مِثْلَهَا لَا يَرْمُلُ فِيهَا إِذَا كَانَ هَذَا كُلُّهُ فِي طَوَافِ الدُّخُولِ

وَهَذَا كُلُّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ هَكَذَا فَقَدْ فَعَلَ مَا يَنْبَغِي فَإِنْ لَمْ يَطُفْ كَمَا وَصَفْنَا وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ وَمَضَى مِنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ عَلَى يَسَارِهِ فَقَدْ نَكَّسَ طَوَافهُ وَلَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عِنْدَنَا

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ مَنْكُوسًا

فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ مَنْكُوسًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ بِلَادِهِ فَيَطُوفَ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ

وَهُوَ قَوْلُ الْحُمَيْدِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ

وَقَالَ أبو حنيفة وأصحابه يعيد الطواف ما دام بمكة فإذا بَلَغَ الْكُوفَةَ أَوْ أَبْعَدَ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ ويحزئه

وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ شَوْطًا واحدا من الطواف أنه لَا يُجْزِئَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ بِلَادِهِ عَلَى بَقِيَّةِ إِحْرَامِهِ فَيَطُوفَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ بَلَغَ بَلَدَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ الطَّوَافَ مَنْكُوسًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فِي أَوَّلِ طَوَافِهِ وَأَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>