فَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ فَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ اعْتَمَرَ مَكَانَ عُمْرَتِهِ الَّتِي أَفْسَدَهَا بِالْوَطْءِ
وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حجة حتى وطىء أَهْلَهُ كَانَ عَلَيْهِ تَمَامُ حَجَّتِهِ وَحَجَّ قَابِلَ وَالْهَدْيَ
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ دَمٌ يُهْدِيهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عامدا أو ناسيا فعليه دم ولا يرجع إليه حجا كان أو عمرة
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ
وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي بِنْتُ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قريش دار آل بن أَبِي حُسَيْنٍ نَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرَأَيْتُهُ يَسْعَى وَإِنَّ مِئْزَرَهُ لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ إِنِّي لَأَرَى رُكْبَتَيْهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ
وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ غَيْرُ هَذَيْنِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ وَقَدْ جَوَّدَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ إِسْنَادَهُ وَمَعْنَاهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى إِيجَابِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا السَّعْيَ بَيْنَهُمَا أَوِ السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ بَعْضُ الْعَمَلِ وَجَبَ فِي كُلِّهِ وَهُوَ مَا قُلْنَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ فَالنِّسَاءُ عَلَيْهِ حَرَامٌ حَتَّى يَرْجِعَ فَيَسْعَى فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَطِأَ فَعَلَيْهِ الْعَوْدُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَهُمَا وَيُهْدِيَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ تَأْتِي وَاضِحَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا بَعْدُ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كله مثل قول الشافعي