وَقَالَ أَبُو هِفَّانَ هُوَ مِنًى وَهِيَ مِنًى فَمَنْ ذَكَّرَهُ ذَهَبَ إِلَى الْمَكَانِ وَمَنْ أَنَّثَهُ ذَهَبَ إِلَى الْبُقْعَةِ
قَالَ وَتُكْتَبُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بِالْيَاءِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ مِنًى تَطَوُّعًا وَأَنَّهَا أَيَّامٌ لَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِهِنَّ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عن الزبير وبن عُمَرَ وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا وَفِي الْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ ضَعْفٌ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ والحديث على كراهية ذلك
ذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِسَرْدِ الصِّيَامِ إِذَا أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِ أَيَّامِ مِنًى لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيام أيام منى
وقال بن القاسم عَنْ مَالِكٍ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ الذَّبْحِ الثَّلَاثَةَ وَلَا يَقْضِيَ فِيهَا صِيَامًا وَاجِبًا نَذْرًا وَلَا قَضَاءَ رَمَضَانَ وَلَا يَصُومُهَا إِلَّا الْمُتَمَتِّعُ وَحْدَهُ الَّذِي لَمْ يَصُمْ قَبْلَ عَرَفَةَ وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ
قَالَ وَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُصَامُ إِنْ نَذَرَهُ رَجُلٌ أَوْ نَذَرَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يَفْعَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا قَدْ لَزِمَهُ فَمَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَبْنِي عَلَى الصِّيَامِ الَّذِي كَانَ صَامَهُ فِي الظِّهَارِ أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً وَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَا يَصُومُهُ فِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرَّقَ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي الصِّيَامِ خَاصَّةً وَفِي الْيَوْمِ الثالث منها إلا ما حكاه بن القاسم عن مالك على ما ذكرناه
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ لَا يُجِيزُونَ صَوْمَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا فِي نَذْرٍ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الصِّيَامِ إِلَّا الْمُتَمَتِّعَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى ما نذكره عَنْهُمْ فِي بَابِهِ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامِ مِنًى إنها أيام أكل وشرب وذكر لله (عَزَّ وَجَلَّ) فَإِنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ أَنَّهَا أَيَّامٌ لَا صِيَامَ فِيهَا وَأَمَّا الذِّكْرُ فَهُوَ بِمِنًى التَّكْبِيرُ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ وَفِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ التَّكْبِيرُ بِإِثْرِ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي مَوْضِعُ ذِكْرِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ