وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَاقَ الْهَدْيَ مِنَ الْحِلِّ لِأَنَّ مَسْكَنَهُ كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ
وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَوْلَى لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَ هَدْيَهُ مِنَ الْحِلِّ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ التَّقْلِيدَ سُنَّةٌ فَكَذَلِكَ التَّعْرِيفُ لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَدْيِهِ مِنَ الْحِلِّ
وَأَمَّا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي إِيجَابِ ذَلِكَ فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلَ هَدْيَهُ مِنَ الْحِلِّ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَالْهَدْيُ إِذَا وَجَبَ بِاتِّفَاقٍ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا يُجْزِئَ إِلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْ سُنَّةٍ تُوجِبُ غَيْرَ ذَلِكَ وَالْفِعْلُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّينَ عَلَى الْوُجُوبِ فِي مِثْلِ هَذَا
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْحَاجَّ وَالْمُعْتَمِرَ يَجْمَعَانِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فِي عَمَلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يَكُنْ لَهُ الْهَدْيُ
قَالُوا وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْهَدْيُ هَدْيًا لِأَنَّهُ يُهْدِي مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ كَمَا يُهْدِي مِنْ مِلْكٍ مَلَكَهُ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ يَقُولُونَ اسْمُ الْهَدْيِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْهَدِيَّةِ فَإِذَا أُهْدِيَ إِلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ فَقَدْ أَجْزَأَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ جَاءَ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ إِنَّمَا الْهَدْيُ مَا قُلِّدَ وَأُشْعِرَ وَوُقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَأَمَّا مَا اشْتُرِيَ بِمِنًى فهو جزور
وعن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ عَرَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالبدن
وكان بن سِيرِينَ يَكْرَهُ شِرَاءَ الْبَدَنَةِ إِذَا لَمْ تُوقَفْ بعرفة
وروى الثوري وبن عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَعَرِّفُوا بِهِ وَمَا لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَاحْبِسُوهُ وَاعْقِلُوهُ بِمِنًى
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ بن عُمَرَ كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ الْقَبَاطِيَّ وَالْأَنْمَاطَ وَالْحُلَلَ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ فَيَكْسُوهَا إِيَّاهَا
مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ بِجِلَالِ بُدْنِهِ حِينَ كُسِيَتِ الْكَعْبَةُ هَذِهِ الْكُسْوَةَ قَالَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَشُقُّ جِلَالَ بُدْنِهِ وَلَا يُجَلِّلُهَا حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ