مُفْرَدَةٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ كُنْتُ مَعَكَ أَوْ سَأَلْتَنِي لَأَمَرْتُكَ أَنْ تَقْرِنَ فَقَالَ الْيَمَانِيُّ قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ خُذْ مَا تَطَايَرَ مِنْ رَأْسِكَ وَأَهْدِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَا هَدْيُهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ هَدْيُهُ فَقَالَتْ لَهُ مَا هَدْيُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا أَنْ أَذْبَحَ شَاةً لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُضَفِّرَ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّ مَنْ ضَفَّرَ أَوْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ لِمَا فِي التَّضْفِيرِ مِنْ وِقَايَةِ الرَّأْسِ لِأَنْ لَا يَصِلَ الْغُبَارُ إِلَى جِلْدِهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ على أن القرآن كان عند بن عُمَرَ أَوْلَى مِنْ التَّمَتُّعِ وَقَدْ كَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يُفَضِّلُ التَّمَتُّعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا وَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ الْعُمْرَةِ الْحَجَّ
وَأَمَّا قَوْلُ الْيَمَانِيِّ (قَدْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ قَدْ فَاتَ الْقِرَانُ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ سَأَلَهُ بَعْدَ أَنْ طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقِرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ إِلَّا قَبْلَ ذَلِكَ
وَأَمَّا أَمْرُ بن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ بِالتَّقْصِيرِ وَقَدْ ضَفَّرَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ حَلْقَ رَأْسِهِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي حَجِّهِ الَّذِي تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَحْلِقَ فِي الْعُمْرَةِ لِيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (فَأَهْدِ) فَإِنَّهُ يُرِيدُ هَدْيَ مُتْعَتِهِ
ثُمَّ سُئِلَ (مَا الْهَدْيُ) فَقَالَ إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا شَاةً لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الصَّوْمِ
فَهَذَا يَرُدُّ رِوَايَةَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الصِّيَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشَّاةِ
وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ هَذِهِ أَصَحُّ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِهِ تَفْضِيلُ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ
وَيُرْوَى (مَا هَدْيُهُ) وَأَمَّا هَدْيُهُ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ مِمَّا يُهْدَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَعَلَى نَحْوِ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ
٨٣١ - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ الْمَرْأَةُ المحرمة إذا