للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَهُوَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ فِيهِ ذَبْحٌ وَلَا نَحْرٌ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ

فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) أَنَّهُ أَرَادَ الْحَرَمَ يَعْنِي مَسَاكِينَ الْحَرَمِ أَوْ أَرَادَ مَكَّةَ لِمَسَاكِينِهَا رِفْقًا بِجِيرَانِ بَيْتِ اللَّهِ وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ وَهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ

عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)

وَأَمَّا قَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الْبَقَرَةِ ١٩٦ فَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَسَنَذْكُرُ مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)

وَكَانَ مَالِكٌ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) أَنَّهُ عَنَى مَكَّةَ وَلَمْ يُرِدِ الْحَرَمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَاجِّ مَكَّةُ وَطُرُقُهَا مَنْحَرٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَكَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ مَالِكٌ مَنْ نَحَرَ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَنْحَرَهُ إِلَّا بِمَكَّةَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ نَحَرَهُ فِي الْحَرَمِ أَجْزَاهُ

وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ حَيْثُ شَاءَ الْمُهْدِي إِلَّا هَدْيَ الْقِرَانِ وَجَزَاءَ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْحَرُهُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ

وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا نَحَرَ هَدْيَ التَّمَتُّعِ أَوِ الْهَدْيَ التَّطَوُّعَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْهَدْيِ التَّمَتُّعِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَخَالَفَهُ فِي التَّطَوُّعِ فَجَوَّزَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ نَحْرُ الْجَمِيعِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَأَمَّا مَا عُدِلَ بِهِ الْهَدْيُ مِنَ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ مَكَّةَ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَعَلَهُ) فَلَا خِلَافَ فِي الصِّيَامِ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَلَا لِأَهْلِ مَكَّةَ

وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَا تَكُونُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ إِذَا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ إِلَّا بِمَكَّةَ لِأَهْلِهَا حَيْثُ يَكُونُ النَّحْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>