الْمُوجِبَةَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ وَأَنْ يَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ وَكَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا فَأَعْلَمَ بِجَوَازِ ذَلِكَ لِيَدِينُوا بِهِ بِغَيْرِ مَا يَدِينُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُدْرِكُوا فِي عَامِهِمْ ذَلِكَ وَيَكُونُوا مُتَمَتِّعِينَ لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدْ أَذِنَ فِي التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَإِبَاحَتُهُ مُطْلَقَةٌ وَكَذَلِكَ الْقِرَانُ وَالْإِفْرَادُ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يأت في الكتاب ولا السُّنَّةِ أَنَّ بَعْضَهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ حَفْصَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ)
وَكَانَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ مَحَالَّهُمْ فِي دُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفُوا وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَحِلَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهِيَ الْعُمْرَةُ
وَذَلِكَ أَيْضًا مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أمر أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ
وَهَذَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِيمَا قُلْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا قَوْلُ حَفْصَةَ (وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ) فَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ قَوْلَهَا مِنْ عُمْرَتِكَ لَمْ يَقُلْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَالِكٍ وَأَظُنُّهُ رَأَى رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ فَقَصَرَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ (مِنْ عُمْرَتِكَ) فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لم يذكر بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ (مِنْ عُمْرَتِكَ) وَهِيَ لَفْظَةٌ مَحْفُوظَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ نَافِعٍ
فَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ فَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute