للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُكْسِبُهَا غُرَّةً وَلَا تَحْجِيلًا وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ بُورِكَ لَهَا فِي وُضُوئِهَا بِمَا أُعْطِيَتْ مِنْ ذَلِكَ شَرَفًا لَهَا وَلِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَسَائِرِ فَضَائِلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ كَمَا فُضِّلَ نَبِيُّهَا بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَغَيْرِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَنْبِيَاءُ يتوضؤون فَيَكْتَسِبُونَ بِذَلِكَ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ وَلَا يَتَوَضَّأُ أَتْبَاعُهُمْ ذَلِكَ الْوُضُوءَ كَمَا خُصَّ نَبِيُّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَشْيَاءَ دُونَ أُمَّتِهِ مِنْهَا نِكَاحُ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ وَالْمَوْهُوبَةِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَالْوِصَالُ وَغَيْرُ ذَلِكَ

فَيَكُونُ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ تُشْبِهَ الْأَنْبِيَاءَ كَمَا جَاءَ عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ يَا رَبِّ! أَجِدُ أُمَّةً كُلُّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي فَقَالَ تِلْكَ أَمَةُ أَحْمَدَ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ

وَقَدْ رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّ النَّاسَ جُمِعُوا لِلْحِسَابِ ثُمَّ دُعِيَ الْأَنْبِيَاءُ مَعَ كُلِّ نَبِيِّ أُمَّتُهُ وَأَنَّهُ رَأَى لِكُلِّ نَبِيٍّ نُورَيْنِ يَمْشِي بَيْنَهُمَا وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ نُورٌ وَاحِدٌ يَمْشِي بِهِ حَتَّى دُعِيَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا شَعْرُ رأسه ووجه نُورٌ كُلُّهُ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ وَإِذَا لِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ نُورَانِ كَنُورِ الْأَنْبِيَاءِ

فَقَالَ كَعْبٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّهَا رُؤْيَا مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا عِلْمُكَ بِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا رُؤْيَا فَنَاشَدَهُ كَعْبٌ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ رَأَيْتَ مَا تَقُولُ فِي مَنَامِكَ فَقَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ فَقَالَ كَعْبٌ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَوْ قَالَ وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ إِنَّ هَذِهِ لَصِفَةُ أَحْمَدَ وَأُمَّتِهِ وَصِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ مَا قَرَأْتُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَإِسْنَادُ هَذَا الْخَبَرِ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ قيل إن سائر الأمم كانوا يتوضؤون وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَهَذَا لَا أَعْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ

وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِذَا تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ((هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي)) فَلَمْ يَأْتِ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ يُحْتَجُّ بِهِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ الْعَمِّيِّ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ هُوَ انْفَرَدَ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ

وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ أَيْضًا فَمَرَّةً يَجْعَلُهُ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمَرَّةً يَجْعَلُهُ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ

وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ

وَهُوَ أَيْضًا مُنْكَرٌ لِأَنَّ فِيهِ لَمَّا تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَ ((هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ خَلِيلِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي

<<  <  ج: ص:  >  >>