قِيَاسًا عَلَى الدِّيَةِ وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) الْمَائِدَةِ ٩٥
وَالْمِثْلُ الْبَدَلُ لَا الْإِبْدَالُ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ رَمَى صَيْدًا أَوْ صَادَهُ بَعْدَ رميه الجمرة وحلاق رَأْسَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُفِضْ إِنَّ عَلَيْهِ جَزَاءَ ذَلِكَ الصَّيْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) الْمَائِدَةِ ٢ وَمَنْ لَمْ يُفِضْ فَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مَسُّ الطِّيبِ وَالنِّسَاءِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ مَرَّتْ وَمَرَّ الْقَوْلُ فِيهَا فِي بَابِ الْإِفَاضَةِ عِنْدَ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاءَ أَوِ الطِّيبَ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا قَطَعَ مِنَ الشَّجَرِ فِي الْحَرَمِ شَيْءٌ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا حَكَمَ عَلَيْهِ فِيهِ بِشَيْءٍ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا عَلَى مَنْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ
فَقَالَ مَالِكٌ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُوَطَّأِ وروى بن وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ مَا يَقُولُ أَهْلُ مَكَّةَ فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ وَفِي كُلِّ غُصْنٍ شَاةٌ فَقَالَ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَلَا نَعْلَمُ فِي قَطْعِ الشَّجَرِ شَيْئًا مَعْلُومًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُحْرِمٍ وَلَا لِحَلَالٍ أن يقطع شيئا من شجر الحرم ولايكسره
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ قَطَعَ شَجَرَةً فَإِنَّمَا هِيَ تَبَعٌ لِأَهْلِهَا وَلَا أَنْظُرُ إِلَى فَرْعِهَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ لَمْ يَجِزْهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ جَزَاهَا وَفِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ وَفِيمَا دُونَهَا شَاةٌ
قَالَ وَهَذَا فِي شَجَرِ الْحَرَمِ خَاصَّةً وَسَوَاءٌ قَطَعَهُ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ وَأَمَّا إِذَا قَطَعَ الْمُحْرِمُ أَوْ غَيْرُ الْمُحْرِمِ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ شَيْئًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ كُلُّ شَيْءٍ أَنْبَتَهُ النَّاسُ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَمْ يُنْبِتْهُ النَّاسُ فَقَطَعَهُ رَجُلٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةٌ مَا بَلَغَتْ فَإِنْ بَلَغَتْ هَدَيًا كَانَ بِمَكَّةَ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ هَدْيًا فَالصَّدَقَةُ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا صِيَامٌ
والصدقة عند أَبِي حَنِيفَةَ نِصْفُ صَاعِ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يَطِّرِدُ لِمَالِكٍ فِي فَتْوَاهُ وَأُصُولِهِ وَلَا لِمَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَجْهَلُ أَوْ يَنْسَى صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أَوْ مَرِضَ