للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ إِيمَانًا بِهِ وَتَصْدِيقًا بِرَسُولِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ))

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثَيْ مَالِكٍ الْمَذْكُورَيْنِ

هَذَا مِنْ أَجَلِّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ مُثِّلَ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَهُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَجَعَلَ الْمُجَاهِدَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْ ذَلِكَ سَاعَةً فَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ صَاحِبُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَرَاقِدًا وَمُتَلَذِّذًا بِكَثِيرٍ - مَا أُبِيحُ لَهُ - مِنْ حَدِيثِ رَفِيقِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْمُصَلِّي التَّالِي لِلْقُرْآنِ فِي صِلَاتِهِ الصَّائِمِ الْمُجْتَهِدِ

وَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا هُوَ تُفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الصَّفِّ ١٠ ١١ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) الصَّفِّ ١٣

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ فِي الْأَحْكَامِ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْمُجَاهِدَ بِالصَّائِمِ الْقَائِمِ

وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَيْضًا فَضْلُ الْجِهَادِ وَأَنَّ الْأَعْمَالَ لَا يَزْكُو مِنْهَا إِلَّا مَا خَلُصَتْ فِيهِ النِّيَّةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ ((لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ))

وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ ((إِيمَانًا بِهِ وَتَصْدِيقًا بِرَسُولِهِ وَقَوْلُهُ فِيهِ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ أَجِرٍ وَغَنِيمَةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) النِّسَاءِ ٢٤ يُرِيدُ وَلَا كَفُورًا وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) النِّسَاءِ ٣ فَاطِرٍ ١ أَيْ مَثْنَى أَوْ ثَلَاثَ أَوْ رُبَاعَ فَقَدْ تَكُونُ ((أَوْ)) بِمَعْنَى ((الْوَاوِ)) وَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى ((أَوْ))

وَقَدْ رُوِيَ مَنْصُوصًا مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ بِوَاوِ الْجَمْعِ لَا ((بِأَوْ))

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَتِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ أبي أمامة الباهلي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>