للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدَهَا يُكَلَّفُ أَنْ يَفْتَدِيَهَا إِذَا جَرَحَتْ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ أُمَّ وَلَدِهِ تُسْتَرَقُّ وَيُسْتَحَلُّ فَرَجُهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

فَقَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ مَا ذَكَرَ فِي مُوَطَّئِهِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَى صَاحِبِهَا أَنْ يَفْدِيَهَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَتْبَعَ دَيْنًا بِهِ إِنْ لَمْ يُعْطَ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ

قَالَ وَأَرَى عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْدِيَهَا

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يُتْبِعُ السَّيِّدَ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَفْدِيهَا بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَرَى عَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا جِنَايَتَهَا وَقَالَ يَتْبَعُ بِهِ أُمَّ الْوَلَدِ دُونَ السَّيِّدِ

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ وَسَيَأْتِي مَوْضِعُهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُمَلَّكُ الْعَدُوُّ عَلَيْنَا بِالْغَلَبَةِ حُرًّا وَلَا أُمَّ وَلَدٍ وَلَا مُدْبِرًا

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَصْلِهِ لَيْسَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى سَيِّدِهَا شَيْءٌ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَمْلِكُونَ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي

الرَّجُلِ يَخْرُجُ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي الْمُفَازَاةِ أَوْ فِي التِّجَارَةِ فَيَشْتَرِي الْحُرَّ أَوِ الْعَبْدَ أَوْ يُوهَبَانِ لَهُ فَقَالَ أَمَّا الْحُرُّ فَإِنَّ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَلَا يُسْتَرَقُّ وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فهو حر وليس عليه شيء إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أُعْطِيَ فِيهِ شَيْئًا مُكَافَأَةً فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى الْحُرِّ بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتُرِيَ بِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ سَيِّدَهُ الْأَوَّلَ مُخَيَّرٌ فِيهِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَدْفَعَ إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَمَنَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فَسَيِّدُهُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أُعْطِيَ فِيهِ شَيْئًا مُكَافَأَةً فَيَكُونُ مَا أُعْطِيَ فِيهِ غُرْمًا عَلَى سَيِّدِهِ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَدِيَهُ

وَهَذَا كُلُّهُ معنى قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ

وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِنْ كَانَ مُوسِرًا دَفَعَ إِلَى الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>