وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ إِنَّمَا حَكَى بِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمَنْ فِي قَتْلِهِ مُؤْنَةٌ وَشَوْكَةٌ وَهُوَ الْمُقَاتِلُ لِمَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَدَافَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُقْبِلًا كَانَ الْمَقْتُولُ أَوْ مُدْبِرًا عَلَى ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ ((مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ))
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَفُقَهَاءُ أَهْلِ الشَّامِ إِذَا كَانَتِ الْمَعْمَعَةُ وَالْتَحَمَتِ الْحَرْبُ فَلَا شَيْءَ سَلَبٌ حِينَئِذٍ لِقَاتِلٍ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي السَّلَبِ السَّلَبُ لِكُلِّ قَاتِلٍ فِي مَعْرَكَةٍ كَانَ أَوْ غَيْرِ مَعْرَكَةٍ مُقْبِلًا كَانَ أَوْ مُدْبِرًا أَوْ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَكْحُولٌ السَّلَبُ مَغْنَمٌ وَيُخَمَّسُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَمَّسُ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَّا السَّلَبُ فَإِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيِّ
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ((كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ عَلَى عَهْدِ رُسُولِ الله))
وَمِنْ حُجَّتِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ وَخَالِدِ بن الوليد ((أن رسول الله قضى بالسلب للقاتل ولم يُخَمِّسِ السَّلَبَ))
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُخَمَّسُ السَّلَبُ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهِ إِنْ شاء خمسه وإن شَاءَ لَمْ يُخَمِّسْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ من خمس السلب عموم قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خمسه وللرسول) الْأَنْفَالِ ٤١ وَلَمْ يَسْتَثْنِ سَلَبًا وَلَا نَفْلًا
وَحَجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ خُمُسًا عُمُومُ قَوْلِ النبي ((مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ)) فَمَلَّكَهُ إِيَّاهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا اسْتَثْنَى رسول الله شَيْئًا مِنْ سُنَّتِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ غَيْرَ سَّلَبِ الْقَاتِلِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ قَالَ بَارَزَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْزُبَانَ الزَّأْرَةِ فَقَتَلَهُ فَأَخَذَ سَلَبَهُ فَبَلَغَ سَلَبُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا