وَقَوْلُهُ ((إِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ)) لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَالٍ اقْتَنَيْتُهُ وَاكْتَسَبْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ
وَأَمَّا قَوْلُ بن عَبَّاسٍ لِلسَّائِلِ الْمُلِحِّ عَلَيْهِ فِي الْأَنْفَالِ مَا هِيَ وَهُوَ يَتَجَنَّبُهُ حَتَّى كَادَ يُحْرِجَهُ ((إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ)) فَإِنَّهُ رَأَى مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُعَنَّتٌ غَيْرُ مُصْغٍ إِلَى مَا يجاب بِهِ مِنَ الْعِلْمِ فَأَشَارَ إِلَى مَا هُوَ حقيق أن يصنع بِهِ مَا صَنَعَ عُمَرُ بِصَبِيغٍ
وَأَمَّا خَبَرُ صَبِيغٍ فَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا بن أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه سَأَلَ رَجُلًا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا هُنَاكَ يَسْأَلُ عَنْ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ قَدْ كَتَبَهُ يُقَالُ لَهُ ((صَبِيغٌ)) وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ قُدُومَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَئِنْ لَمَّ تَأْتِنِي بِهِ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا وَكَذَا فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَخْتَلِفُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الثَّنِيَّةِ وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ صَبِيغٍ حَتَّى طَلَعَ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ قَالَ قَدْ كَانَ يَحْتَجُّ بِأَنْ يَقُولَ ((مَنْ يَلْتَمِسُ الْفِقْهَ يُفَقِّهْهُ اللَّهُ)) قَالَ فَلَمَّا طَلَعَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَانْتَزَعَ الْخِطَامَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَادَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ - فَضَرَبَهُ عُمَرُ ضَرْبًا شَدِيدًا ثُمَّ حَبَسَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ أَيْضًا فَقَالَ لَهُ صَبِيغُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلِي فَأْخُذْ عَلَيَّ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ شَفَائِي فَقَدْ شَفَيْتَنِي شَفَاكَ اللَّهُ - قَالَ فَأَرْسَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ صَبِيغُ بْنُ عَسَلٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ جَلَسَ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ صَبِيغٌ فَقَالَ عُمَرُ وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ ثُمَّ أَهْوَى إِلَيْهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِتِلْكَ الْعَرَاجِينِ فَمَا زَالَ يَضْرِبُهُ حَتَّى شَجَّهُ فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ وَاللَّهِ ذَهَبَ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُهُ فِي رَأْسِي
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَجْلَانَ يُقَالُ لَهُ خَلَّادُ بْنُ زُرْعَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ صَبِيغَ بْنَ عَسَلٍ بِالْبَصْرَةِ كَأَنَّهُ بَعِيرٌ أَجْرَبُ يَجِيءُ إِلَى الْحَلَقِ وَكُلَّمَا جَلَسَ إِلَى حَلْقَةٍ قَامُوا وَتَرَكُوهُ وَقَالُوا عَزْمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يُكَلَّمَ
وَفِي حَدِيثِ أَبِيِ شِهَابٍ الْحَنَّاطِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute