استثناه على لسان رسول الله مِنَ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الْأَنْفَالِ ٤١ فَأَعْطَى الْغَانِمِينَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ بِإِضَافَةِ الْغَنِيمَةِ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهَا عَنْهُمْ إِلَّا الْخُمُسَ فَدَلَّ عَلَى تَمْلِيكِهِمْ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ (وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) النِّسَاءِ ١١ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ الثُّلُثَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ) ثُمَّ جَعَلَ لِلْأُمِّ الثُلُثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَيْنِ لِلْأَبِ كَذَلِكَ الْغَنِيمَةُ لَمَّا أَضَافَهَا إِلَى الْغَانِمِينَ وَجَعَلَ الْخُمُسَ لِغَيْرِهِمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَيَخْرُجُ أَيْضًا مِنَ الْغَنِيمَةِ الْأَرْضُ لِمَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ (رَضِيَ اللَّهُ عنهم) وَفِيهِمْ فُقَهَاءُ وَتَأَوَّلُوا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ الْفَيْءُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَالَ اللَّهُ تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خمسه وللرسول) الْأَنْفَالِ ٤١ فَمَا كَانَ لِلرسُولِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ جَرَى مَجْرَى الْفَيْءِ وَكَانَ لَهُ فِي قِسْمَتِهِ الِاجْتِهَادُ عَلَى مَا وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ السُّنَّةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ مَضَى فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ
وَفِي هَذَا الْبَابِ
سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ النَّفْلِ هَلْ يَكُونُ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مَوْقُوفٌ إِلَّا اجْتِهَادُ السُّلْطَانِ وَلَمْ يبلغني أن رسول الله نفل في مغازيه كلها وقد بلغني أنه نَفَّلَ فِي بَعْضِهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ مغنم وفيما بَعْدَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي النَّفْلِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِي النَفْلِ فِي العين من الذهب والورق
فذهب الشاميون إلى أن لا نَفْلَ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَهُمْ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ وَعَدِيُّ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ وَمَكْحُولٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ السنة عندنا أن لا نَفْلَ فِي ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا لُؤْلُؤٍ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَوْلَ الشَّامِيِّينَ لَا نَفْلَ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا رَأَى مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي النَّفْلِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ حُجَّةً تُوجِبُ الْمَصِيرَ إِلَيْهَا فجاز