وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الناظر لهم المدبر لِأُمُورِهِمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذَّابًا وَلَا بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الإمام يجب أن لا يَكُونَ فِيهِ هَذِهِ الْخِلَالُ السُّوءُ وَأَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ أَهْلِ وَقْتِهِ حَالًا وَأَجْمَلَهُمْ خِصَالًا إِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ
وَقَوْلُهُ ((لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا كَذَّابًا)) لِأَنَّ الْبَخِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ الْأَمْرَ وَلَا يَفْعَلُ
يَقُولُ ((فَلَا تَجِدُونِي كَذَّابًا أَبَدًا))
وَقَدْ سَوَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَالْكَذِبِ
وَأَكْثَرُ الْآثَارِ عَلَى هَذَا
وَفِي ذَلِكَ مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَكُونُ بَخِيلًا وَجَبَانًا وَلَا يَكُونُ كَذَّابًا
وَالْكَذَّابُ عِنْدَهُمْ الْمَعْرُوفُ مِنْهُ كَثْرَةُ الْكَذِبِ لِأَنَّ فَعَّالًا لَا تَكُونُ إِلَّا لِلْمُبَالَغَةِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ كَاذِبٍ
وَأَجْمَعَ الْحُكَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ فِي السُّلْطَانِ أَقْبَحُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ مِنَ السُّلْطَانِ إِذَا كَانَ كَذُوبًا بِوَعْدٍ وَلَا وَعِيدٍ وَفِي ذَلِكَ فَسَادُ أَمْرِهِ
قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ((إِنَّ فَسَادَ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يُعْطُوا عَلَى الْهَوَى لَا عَلَى التُّقَى وَأَنْ يَكُونُوا فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ))
وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْغَنَائِمِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ
وَلَمْ تَكُنْ مُبَاحَةً لِأَحَدٍ قبل هذه الأمة
وَهِيَ مِنَ الْخِصَالِ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ مِنْ مَالِ كُلِّ حَرْبِيٍّ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا
وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سود