للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالُوا لَوْ كَانَ عِبَادَةً فِي غَسْلِ طَاهِرٍ لَوَرَدَتِ الْغَسَلَاتُ فِيهِ عَلَى جِهَةِ الْفَضْلِ كَالْوُضُوءِ

وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ جَمِيعَ الْغَسَلَاتِ وَاجِبٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ

قَالُوا وَلَوْ كَانَ عِبَادَةً فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ الطَّاهِرِ لَوَجَبَ غَسْلُهُ عِنْدَ الْوُلُوغِ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ أَمْ لَا

وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ إِلَّا عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لِنَجَاسَةٍ لَا لِطَهَارَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَنَا اسْتِعْمَالُ الْأَنْجَاسِ

وَالْكَلَامُ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ تَقَصَّيْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْكَلْبُ نَجِسٌ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ فَرَدُّوا الْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ وَمَا صَنَعُوا شَيْئًا

وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا هُوَ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ

وَكَانَ يُفْتِي بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا

فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ أَوْ قَدْ عَلِمَ مَا نَسَخَهُ

وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي السُّنَّةِ لَا فِيمَا خَالَفَهَا وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْنَا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ أَخْبَارِ الْآحَادِ كَمَا وَصَلَ إِلَيْنَا الْمُسْنَدُ مِنْ جِهَةِ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ فَالْحُجَّةُ فِي الْمُسْنَدِ

وَإِذَا جَازَ لِلْكُوفِيِّينَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا خَالَفَهُ - جَازَ لِخُصَمَائِهِمْ أَنْ يَقُولُوا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ وَشَهِدَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ الثِّقَاتُ الْجَمَاهِيرُ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ مَا رَوَاهُ وَشَهِدَ بِهِ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غَيْرِ أَنْ يُحْكَى عَنْهُ مَا يَنْسَخُهُ جَرْحَةً وَنَقِيصَةً وَحَاشَ لِلصَّحَابَةِ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ أَطْوَعُ النَّاسِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِغَسْلِ الْإِنَاءِ سَبْعًا مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ خَالَفَ مَا رَوَاهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ سِوَى الظَّنِّ الَّذِي لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا

وَمَا أَعْلَمُ لِلْكُوفِيِّينَ سَلَفًا فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ قَالَ يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ سَأَلْتُ عَطَاءً كَمْ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ قَالَ سَبْعًا وَخَمْسًا وَثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ قَدْ سَمِعْتُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ كَقَوْلِ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>