للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال ((صاحب الدين مأسور يوم القيامة في الدين))

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ بَعْدَهُ فِي الدُّنْيَا يَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ وَلِذَلِكَ أَمَرَ وَلَيَّهُ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ وَلَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ

وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْتَنَعَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى رَجُلٍ تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا دِينَارَيْنِ لَمْ يَدَعْ لَهُمَا وَفَاءً فَلَمَّا ضَمِنَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بإسناده في ((التمهيد))

وهذا كله كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَاتِ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ وَقَبْلَ أَنْ تَتَرَادَفَ عَلَيْهِ الزَّكَوَاتُ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ سُورَةَ بَرَاءَةٌ وَفِيهَا لِلْغَارِمِينَ سَهْمٌ وأنزل آية الفيء وفيها حقوق للمساكين وبن السبيل والأ نصار والمهاجرين والذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ إِذَا كَانُوا لِمَنْ سَبَقَهُمْ بِالْإِيمَانِ مُسْتَغْفِرِينَ فَلَمَّا نَزَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي آيَةِ الْفَيْءِ وَآيَةِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ عِيَالًا فَعَلَيَّ))

فَكُلُّ مَنْ مَاتَ وَقَدِ ادَّانَ دَيْنًا فِي مُبَاحٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَائِهِ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ أَوْ مِنَ الصَّدَقَاتِ كُلِّهَا لِأَنَّ مَنْ وَضَعَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَجَزَأَهُ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ

وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَ مَنْ وَصَفْنَا حَالَهُ مِنَ الْفَيْءِ الْحَلَالِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ

وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ ذِي دَيْنٍ أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَلَا يَبِيتَنَّ لَيْلَتَيْنِ دُونَ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ مَكْتُوبَةً لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يفجؤه الموت

<<  <  ج: ص:  >  >>