فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا أَتَى الْحَرْبِيُّ طَالِبًا لِلْأَمَانِ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمْوَالٌ وَدُورٌ وَامْرَأَةٌ حَامِلٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَأَسْلَمَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ إِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فِي بَلَدِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا مُسْلِمًا فَإِنَّ أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ أَحْرَارٌ وَمُسْلِمُونَ وَمَا أَوْدَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَهُوَ لَهُ وَمَا أَوْدَعَهُ حَرْبِيٌّ وَسَائِرُ مَالِهِ هُنَاكَ فَيْءٌ فَرَّقُوا بَيْنَ إِسْلَامِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَيْنَ إِسْلَامِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ لِاخْتِلَافِ حُكْمِ الدَّارِ عِنْدَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا أَحْرَزَ مَالَهُ حَيْثُ كَانَ وَصِغَارَ وَلَدِهِ
وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ
وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بَيْنَ إِسْلَامِهِ فِي دَارِ الْكُفْرِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُرَدُّ إِلَيْهِ أَهْلُهُ وَعِيَالُهُ وَذَلِكَ فَيْءٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مِلْكٍ فِي الدَّارَيْنِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَيْعِ أَرْضِ مَكَّةَ وَكِرَائِهَا وَدُورِهَا
فَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بُيُوتَ مَكَّةَ وَقَالَ كَانَ عُمَرُ يَنْزِعُ أَبْوَابَ مَكَّةَ
وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرَى بَأْسًا بِبَيْعِ بِنَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ وَكَرِهَ بَيْعَ أَرْضِهَا وَكَرِهَ كِرَاءَ بُيُوتِهَا فِي الْمَوْسِمِ وَمِنَ الرَّجُلِ يَعْتَمِرُ ثُمَّ يَرْجِعُ
فَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَلَا يَرَى بِأَخْذِ الْكِرَاءِ مِنْهُ بَأْسًا
قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهِ نَأْخُذُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ أَرْضُ مَكَّةَ وَبُيُوتُهَا وَدِيَارُهَا لِأَرْبَابِهَا مَا بَيْنَ بَيْعِهَا وكرائها
وهو قول طاوس وعمل بن الزُّبَيْرِ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْزِلُ دَارَكَ بِمَكَّةَ فَقَالَ ((وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ وَكَانَ قَدْ بَاعَهَا فَأَضَافَ الْمِلْكَ إِلَيْهِ وَإِلَى مَنِ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَقَدْ أَضَافَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدِّيَارَ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) الْحَشْرِ ٨
وَقَالَ (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) الْحَجِّ ٤٠
وَكَرِهَ عَطَاءٌ كِرَاءَ بُيُوتِ مَكَّةَ
وَقَالَ إِسْحَاقُ بَيْعُ دُورِ مَكَّةَ وَشِرَاؤُهَا وَإِجَارَتُهَا مَكْرُوهَةٌ ثُمَّ قَالَ شِرَاؤُهَا وَاسْتِئْجَارُهَا أَهْوَنُ مِنْ بَيْعِهَا وَإِجَارَتِهَا