وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ عَنِ الْمَدَائِنِيِّ كَانَ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا فِي رَجَبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ
وَفِيهِ أَدَبُ الْخَلَاءِ وَالْبُعْدُ عَنِ النَّاسِ عِنْدَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ
وَفِيهِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ تَرْكُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ صَبَّ عَلَيْهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ
وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَتَوَضَّأَ
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ فَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى جِئْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ
وَفِي الْآثَارِ كُلِّهَا أَنَّ الْإِدَاوَةَ كَانَتْ مَعَ الْمُغِيرَةِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ نَاوَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ لَمَّا انْصَرَفَ رَدَّهَا إِلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ مِنْهَا عَلَيْهِ
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَانَ بِذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَلَكِنْ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ
فَلِذَلِكَ اسْتَنْبَطَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ جَائِزٌ الِاسْتِجْمَارُ بِالْأَحْجَارِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ
وقال بن جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ((فَتَبرَّزَ لِحَاجَتِهِ قِبَلَ الْغَائِطِ فَحَمَلْتُ مَعَهُ إِدَاوَةً))
وَقَالَ مَعْمَرٌ ((فَتَخَلَّفَ وَتَخَلَّفْنَا مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ))
وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مَنْ كَرِهَ الْأَحْجَارَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ مِنَ الْعُلَمَاءِ
فَإِنْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ يَوْمَئِذٍ مِنْ نَقْلِ مَنْ يُقْبَلُ نَقْلُهُ وَإِلَّا فَالِاسْتِدْلَالُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ صَحِيحٌ بِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَالْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى الْأَحْجَارِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ
وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ الْيَوْمَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَأَنَّ الْأَحْجَارَ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ وَأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا جَائِزٌ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَفِيهِ لُبْسُ الضَّيِّقِ مِنَ الثِّيَابِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ وَذَلِكَ فِي الْغَزْوِ مُسْتَحَبٌّ لماء فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأَهُّبِ وَالِانْشِمَارِ وَالتَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لِبَاسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ عِنْدَنَا فِي الْحَضَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي السَّفَرِ