وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا فِي الطَّلَاقِ فَأَسْقَطْنَا عَنِ الْحَالِفِ بِالطَّلَاقِ الْكَفَّارَةَ وَأَلْزَمْنَاهُ الطَّلَاقَ لِلْإِجْمَاعِ
وَجَعَلْنَا فِي الْعِتْقِ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ
وَالَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ كَفَّارَةُ يمين في ما عَدَا الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ((كُلُّ يَمِينٍ لَيْسَ فِيهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ فَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْعِتْقِ هُوَ مَا رَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عن بكر بن عبد الله المزني عن أَبِي رَافِعٍ أَنَّ مَوْلَاتَهُ حَلَفَتْ بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ وَهِيَ يَوْمًا يَهُودِيَّةٌ وَيَوْمًا نَصْرَانِيَّةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امرأته فسألت بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ فَكُلُّهُمْ قَالَ لَهَا كَفِّرِي يَمِينَكِ وَخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَفَعَلَتْ
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي جَعَلْتُ كُلَّ مَمْلُوكٍ لِي حُرًّا إِنْ شَارَكْتُ أَخِي قَالَ شَارِكْ أَخَاكَ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَطَاوُسٍ وَقَتَادَةَ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَذَكَرَ دَاوُدُ فِي الْحَالِفِ بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ وَبِصَدَقَةِ مَالِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَاكِمِ والحارث العقيلي وبن أَبِي لَيْلَى
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَيْسَ بِنَاذِرٍ طَاعَةً فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهَا وَلَا بِحَالِفٍ بِاللَّهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْحَالِفِ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ
وَلَا يُخْرِجُ مَالَهُ عَنْ نَفْسِهِ مَخْرَجَ الْقُرْبَةِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ إِنَّ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ لَمْ يُخْرِجْهُ
وَهَذَا لَا يُشْبِهُ النَّذْرَ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ وَشُكْرِهِ وَإِنْفَاذِ طَاعَتِهِ وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى