عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ أَبُو إِسْرَائِيلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ فَنَذَرَ لَيَقُومَنَّ فِي الشَّمْسِ حَتَّى يُصَلِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ وَلَيَصُومَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ((مَا شَأْنُهُ)) فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ
وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ لِلشَّمْسِ وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ مِمَّا لَا طَاعَةَ فِيهِ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ
وَكَذَلِكَ الْحَفَاءُ وَغَيْرُهُ مِمَّا لَمْ تَرِدِ الشَّرِيعَةُ بِصُنْعِهِ إِذْ لَا طَاعَةَ لِلَّهِ فِيهِ وَلَا قُرْبَةَ
وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَتَقَرَّبُ بِعَمَلِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَيَدُلُّ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ لَهُ بِطَاعَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَعْصِيَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا الْكَفَّارَةُ عَنْهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ
٩٨٣ - مَالِكٌ عَنْ طِلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيٌ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّدِّيقِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ نَذَرَ أَنْ يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه يحيى))
قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ أَنْ يَنْذِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ أَوْ إِلَى مِصْرَ أَوْ إِلَى الرَّبَذَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ إِنْ كَلَّمَ فُلَانًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِنْ هُوَ كَلَّمَهُ أَوْ حَنِثَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ طَاعَةٌ وَإِنَّمَا يُوفِّي لِلَّهِ بِمَا لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ
وهو قول من قال إن مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً كَانَ عَلَيْهِ مَعَ تَرْكِهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ وَالْكُوفِيُّونَ
وَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute