وَاللَّهِ لَا أَحُلُّ نَفْسِي مِنْهَا حَتَّى أَمُوتَ وَلَا أَذُقْ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَا يَذُوقُ فِيهَا طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَحُلُّ نَفْسِي حَتَّى يَحُلَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو لُبَابَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ قَالَ يُجْزِيكَ الثُّلُثُ يَا أَبَا لُبَابَةَ
٩٩٣ - وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيِّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ قَالَ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ
قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَقُولُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمْ يَحْنَثُ قَالَ يَجْعَلُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَذَلِكَ لِلَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ أَبِي لَبَابَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحَالِفِ بِصَدَقَةِ مَالِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ فِي كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَقَالَ مَالِكٌ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ إِنْ حَنِثَ
وَقَالَ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةٍ مِنْ مَالِهِ بِعَيْنِهِ لَزِمَتْهُ الصَّدَقَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَقْضِي بِهِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ يُطَالِبُهُ بِهِ فِي غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ عَنْهُ وَاضْطِرَابٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَمْوَالِ الزَّكَاةِ يُرِيدُونَ الْحَرْثَ وَالْعَيْنَ وَالْمَاشِيَةَ يُخْرِجُ الْحَالَّ فَذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ هُوَ فِي كِلِّ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ قَالَا يَحْبِسُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ قُوتَ شَهْرٍ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهِ إِذَا أَرَادَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ قَالَ حَالِفًا فِي غَضَبٍ عَلِيَّ (مِائَةُ بَدَنَةٍ) قَالَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ جَعَلَ مَالَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ كَانَ حَلَفَ بِذَلِكَ فَحَنِثَ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ جَعَلَهُ لِلَّهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ وَالتَّقَرُّبِ إلى الله تعالى فإن ما عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ