وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ الَّتِي لَمْ تُسَنُّ بِفَتْحِ السِّينِ
فَمَنْ رَوَى بِكَسْرِ السِّينِ يَجْعَلُهُ مِنَ السِّنَنِ ويقول إن المعروف من مذهب بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُضَحِّي إِلَّا بِالثَّنِيِّ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا
وَالَّذِي رُوِيَ عَنْهُ لَمْ تُسَنَّ بِفَتْحِ السِّينِ يَقُولُ مَعْنَاهُ لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا وَهِيَ الْهَتْمَاءُ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الضَّحَايَا
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ يقول ليس الصواب في حديث بن عُمَرَ هُنَا إِلَّا قَوْلَ مَنْ رَوَاهُ لَمْ تَسْنُنْ بِنُونَيْنِ أَيْ لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا
قَالَ وَهَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ لَمْ يَقُولُوا تَسْنُنُ مَنْ لَمْ تَخْرُجُ أَسْنَانُهُ فَكَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَلْبُنْ إِذَا لَمْ يُعْطِ لَبَنًا وَلَمْ يَسْتَمِنْ أَيْ لَمْ يُعْطِ سَمْنًا وَلَمْ يَعْسِلْ لَمْ يُعْطِ عَسَلًا
وَهَذَا مِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الْهَتْمَاءِ فِي الأضاحي
وقال غير بن قُتَيْبَةَ لَمْ تَسْنُنْ الَّتِي لَمْ تُبَدِّلْ أَسْنَانَهَا
وهذا نحو قول بن عُمَرَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا الثَّنِيُّ فما فوقه إلا الجدع
وأما حديث بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي فِي الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ التي تنقص مِنْ خَلْقِهَا وَالَّتِي لَمْ تَسْنُنْ فِفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا نَقَصَ مِنَ الْخَلْقِ فِي الشَّاةِ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحِيَّةِ عِنْدَهُ
إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْجَمَّاءَ جَائِزٌ أَنْ يُضَحَّى بِهَا فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ هَذَا عَلَى أَنَّ النَّقْصَ الْمَكْرُوهَ هُوَ مَا تَتَأَذَّى بِهِ الْبَهِيمَةُ وَيُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهَا وَمِنْ شَحْمِهَا
وَأَجْمَعَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّيَ بِالْخَصِيِّ الْأَجَمِّ إِذَا كَانَ سَمِينًا
وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَقُولُونَ إِنَّ الْأَقْرَنَ الْفَحْلَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَصِيِّ الْأَجَمِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَصِيُّ الْأَجَمُّ (أَسْمَنُ) فَالْأَصْلُ مَعَ تَمَامِ الْخَلْقِ السِّمَنُ
ذكر بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ (عَنْ رَبِيعَةَ) أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ كُلَّ نَقْصٍ يكون في الضحبة أَنْ يُضَحِّيَ بِهِ قَالَ فَأَخْبَرَنِي (عَمْرُو) بْنُ الحارث وبن لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ مِنَ الضَّحَايَا التي بها من العيب ما (ينتقص) مِنْ سِمَنِهَا قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ كُلَّ نَقْصٍ (يَكُونُ) فِي الضَّحِيَّةِ إِلَّا (الْقُرُونَ وَحْدَهُمْ) فَإِنَّهُ (كَانَ) لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُضَحِّيَ بِمَكْسُورَةِ الْقَرْنِ وَتَرَاهُ بِمَنْزِلَهِ الشَّاةِ الْجَمَّاءِ