للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الْأَنْعَامِ ١٢١ لِقَوْلِهِ فِيهِ لَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا اللَّهَ عَلَيْهِ أَمْ لَا

وَهَذَا الْحَدِيثُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلُ بَادِيَتِهَا كَانُوا الَّذِينَ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ بِاللُّحْمَانِ

وَالْأَمْرُ بِالتَّسْمِيَةِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ

وَقَدْ بَيَّنَّا فِي ((التَّمْهِيدِ)) مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الْأَنْعَامِ ١٢١ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَمَا الْأَصْلُ فِيهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا ثُمَّ كُلُوهَا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْأَكْلِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْبَرَكَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الذَّكَاةِ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ وَالْأَطْعِمَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى التَّذْكِيَةِ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُظَنُّ بِهِ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ عَلَى ذَبِيحَتِهِ وَلَا يُظَنُّ بِهِ إِلَّا الْخَيْرُ وَأَمْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ مَا خَفِيَ أَمْرُهُ حَتَّى يَسْتَبِينَ فِيهِ غَيْرُهُ

وَفِيمَا وَصَفْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لَا فَرِيضَةٌ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا مَا سَقَطَتْ بِالنِّسْيَانِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُسْقِطُ مَا وَجَبَ عَمَلُهُ مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنَّهَا عِنْدِي مِنْ مُؤَكَّدَاتِ السُّنَنِ وَهِيَ آكَدُ مِنَ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ وَعَلَى الْأَكْلِ

وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ

١٠٠٨ - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَمَرَ غُلَامًا لَهُ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَةً فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهَا قَالَ لَهُ سَمِّ اللَّهَ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ قَدْ سَمَّيْتُ فَقَالَ لَهُ سَمِّ اللَّهَ وَيْحَكَ قَالَ لَهُ قَدْ سَمَّيْتُ اللَّهَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهَا أَبَدًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ عَمْدًا لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ تِلْكَ

أَلَا تَرَى أَنَّ فِي خَبَرِهِ هَذَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهَا فَقَالَ لَهُ سَمِّ اللَّهَ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَذْبَحَهَا وَرَاجَعَهُ بِمَا لَمْ يُصَدِّقُهُ لِأَنَّهُ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى عَنْهُ ذَلِكَ لقربه

<<  <  ج: ص:  >  >>