فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى أَنُذَكِّي بِاللِّيطِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((ما أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا مَا لَمْ يَكِنُ سِنًّا أَوْ ظُفْرًا وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا السِّنُ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ)) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي ((التَّمْهِيدِ))
فَإِذَا جَازَتِ التَّذْكِيَةُ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ جَازَتْ بِكُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى شَيْءٍ فَيَكُونُ مَخْصُوصًا
وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ
وَالسِّنُّ وَالظُّفُرُ الْمَنْهِيُّ عَنِ التَّذْكِيَةِ بِهِمَا عِنْدَهُمْ هُمَا غَيْرُ الْمَنْزُوعَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ خَنْقَا
وَكَذَلِكَ قال بن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ الْخَنْقُ
فَأَمَّا السِّنُّ وَالظُّفُرُ الْمَنْزُوعَانِ إِذَا فَرِيَا الْأَوْدَاجَ فَجَائِزٌ الذَّكَاةُ بِهِمَا عِنْدَهُمْ
وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ السِّنَّ وَالظُّفُرَ وَالْعَظْمَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَنْزُوعَةً وَغَيْرَ منزوعة منهم إبراهيم النخعي وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ
وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ فَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَأَمَّا سَلْعٌ فَيُرْوَى بِتَسْكِينِ اللَّامِ وَتَحْرِيكِهَا
وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يُحَرِّكُونَهَا بِالْفَتْحِ
وَأَظُنُّ الشَّاعِرَ فِي قَوْلِهِ
(إِنَّ بِالشِّعْبِ الَّذِي دُونَ السلع ... لَقَتِيلًا دَمُهُ مَا يُطَلُّ