للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن لم ير بن عَبَّاسٍ حُجَّةً فِي إِبَاحَتِهِ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ خِلَافُ ثَابِتِ السنة كقول من ليس في المنزلة من أهل العلم مثله أخرى أَنْ يُتْرَكَ فِي لُحُومِ السِّبَاعِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا وَتَحْرِيمِهِ لَهَا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُؤْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي عَوْفٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ((أَلَا لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ))

وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ مَنْ أَجَازَ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ) الْآيَةَ الْأَنْعَامِ ١٤٥

وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ تَقَصَّيْنَاهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) مِنْهَا أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ مَكِّيَّةٌ وَمَفْهُومٌ فِي قَوْلِهِ (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا) الْأَنْعَامِ ١٤٥ أَيْ شَيْئًا مُحَرَّمًا وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا قُرْآنٌ كَثِيرٌ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ أَشْيَاءَ مُحَرَّمَةٍ وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ مِنْ آخِرٍ مَا نَزَلَ وَفِيهَا تَحْرِيمُ الْخَمْرِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا

وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الرِّبَا وَحَرَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبُيُوعِ أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا

وأجمعوا أَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ

رَوَاهُ عَنْهُ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِهِ منهم أبو هريرة وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو ثَعْلَبَةَ وَكُلُّهُمْ لَمْ يَصْحَبُوهُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا)) الْأَنْعَامِ ١٤٥

فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَجِدُ فِيمَا أُنْزِلَ إِلَيَّ وَقْتِي هَذَا غَيْرَ ذَلِكَ

وَقِيلَ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا مِمَّا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَهُ يُرِيدُ الْعَرَبَ

وَقِيلَ إِنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْمَأْكَلِ كَأَنَّهُ قَالَ لَا أَجِدُ فِيمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ شَيْئًا مُحَرَّمًا إِلَّا كَذَا وَلَمْ تَسْأَلُوا عَنْ ذِي النَّابِ وَحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ تَحْرِيمَ الْمَوْقُوذَةِ وَالْمُنْخَنِقَةِ وَمَا ذَكَرْنَا مَعَهَا وَأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا

وَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الْحَشْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>