فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السِّبَاعَ إِذَا ذَكِّيَتْ مِنْ أَجْلِ جُلُودِهَا حَلَّ بَيْعُهَا وَلِبَاسُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الذَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي السِّبَاعِ لِجُلُودِهَا أَكْمَلُ طَهَارَةً
وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنَ الدِّبَاغِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ
وَهُوَ قَوْلُ بن القاسم
وقال بن حَبِيبٍ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي السِّبَاعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا
فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا لُبْسُهَا وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهَا
وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا إِذَا ذُكِّيَتْ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ
قَالَ بن حَبِيبٍ وَلَوْ أَنَّ الدَّوَابَّ الْحَمِيرَ وَالْبِغَالَ إِذَا ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا لَمَا حَلَّ بَيْعُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا الصَّلَاةُ فِيهَا إِلَّا الْفَرَسَ فَإِنَّهُ لَوْ ذُكِّيَ يَحِلُّ بَيْعُ جِلْدِهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي تَحْرِيمِهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ أَكْرَهُ بَيْعَ جُلُودِ السِّبَاعِ وَإِنْ ذَكِّيَتْ مَا لَمْ تُدْبَغْ
قَالَ وَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فِيهَا وَيُفْسَخَ ارْتِهَانُهَا وَأَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَالذَّكَاةُ فِيهَا لَيْسَتْ بِذَكَاةٍ
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ أَنَّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ
قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ أَتَرَى مَا دُبِغَ مِنْ جُلُودِ الدَّوَابِّ طَاهِرًا فَقَالَ إِنَّمَا يُقَالُ هَذَا فِي جُلُودِ الْأَنْعَامِ
فَأَمَّا جُلُودُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَكَيْفَ يَكُونُ جِلْدُهُ طَاهِرًا إِذَا دُبِغَ وَهُوَ مِمَّا لَا ذَكَاةَ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي جِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبِّاغِ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ إِبْرَاهِيمَ بْنَ خُلْدٍ
قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي جِلْدِ شَاةٍ مَاتَتْ ((أَلَا دَبَغْتُمْ جِلْدَهَا)) وَنَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ