وَقَالَ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الِاثْنَانِ مِنَ الْإِخْوَةِ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثَ وَيَنْقُلَانِهَا إِلَى السُّدُسِ كَمَا يَفْعَلُ جَمَاعَةُ الْإِخْوَةِ
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي ذَلِكَ
وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْبِنْتَيْنِ مِيرَاثُهُمَا كَمِيرَاثِ الْبَنَاتِ
وَكَذَلِكَ ميراث الأخوين للأم
وقد اجمعوا وبن عَبَّاسٍ مَعَهُمْ فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ أَوْ إِخْوَةٍ لِأُمٍّ أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَخِ أَوِ الْأُخْتِ السُّدُسُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ حَجَبَا الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ وَلَوْ لَمْ يَحْجُبَاهَا لَعَالَتِ الْفَرِيضَةُ وَهِيَ غَيْرُ عَائِلَةٍ بِإِجْمَاعٍ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنْ حَجَبُوا الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ بِثَلَاثِ أَخَوَاتٍ وَلَسْنَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ بِإِخْوَةٍ وَإِنَّمَا هُنَّ أَخَوَاتٌ فَحَجْبُهَا بِاثْنَيْنِ مِنَ الْإِخْوَةِ أَوْلَى
وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهًا مِنْ حُجَجِ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ ((الْإِشْرَافِ عَلَى مَا فِي أُصُولِ فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ مِنَ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ))
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ لَا يُعَدُّ خِلَافًا عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ لَا أَنْقُلُ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ بِأُخْتَيْنِ وَلَا بِأَخَوَاتٍ مُنْفَرِدَاتٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ إِحْدَاهُمَا أَخٌ لِأَنَّ الْأُخْتَيْنِ وَالْأَخَوَاتِ لَا يَتَنَاوَلُهُمَا اسْمُ الْإِخْوَةِ مُنْفَرِدَاتٍ
وَهَذَا شُذُوذٌ لا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ صَرَفُوا اسْمَ الْإِخْوَةِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى اثْنَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ رَأْيًا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ عَنْ مَنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَرِثُ السُّدُسَ الَّذِي تُحْجَبُ عَنْهُ الْأُمُّ بِالْإِخْوَةِ فيمن ترك أبوين وإخوة
فروي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ السُّدُسَ لِلْإِخْوَةِ الَّذِينَ حَجَبُوا الأم عنه وللأب الثلثان
والإسناد عن بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ
وَقَالَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِلْأُمِّ مَعَ الْإِخْوَةِ السُّدُسُ وَالْخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ لِلْأَبِ لَا يَرِثُ الْإِخْوَةُ شَيْئًا مَعَ الْأَبِ
وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ((الْإِشْرَافِ))
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ ((إِلَّا فِي فَرِيضَتَيْنِ فَقَطْ وَإِحْدَى الْفَرِيضَتَيْنِ أَنْ يُتَوَفَّى رَجُلٌ