للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن بن عَبَّاسٍ قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّ الْجَدَّةَ كَالْأُمِّ إِذَا لَمْ تَكُنْ أُمٌّ

وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنْ لَا تَرِثَ جَدَّةٌ ثُلُثًا وَلَوْ كَانَتْ كَالْأُمِّ وَرِثَتِ الثُّلُثَ وَأَظُنُّ الَّذِي روى هذا الحديث عن بن عَبَّاسٍ قَاسَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِّ لَمَّا جَعَلَهُ أَبًا ظَنَّ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْجَدَّةَ أُمًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إِلَّا جَدَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تَرِثُ الْجَدَّةُ أُمُّ أَبِي الْأُمِّ عَلَى حَالٍ وَلَا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ أَحَدٌ مِنْ جَدَّاتِهِ وَلَا تَرِثُ جَدَّةٌ وَابْنُهَا حَيٌّ يَعْنِي الِابْنَ الَّذِي يُدْلِي بِهِ إِلَى الْمِيرَاثِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ جَدَّةً أُمَّ عَمٍّ لِأَبٍ فَلَا يَحْجُبُهَا هَذَا الِابْنُ عَنِ الْمِيرَاثِ وَلَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ الْجَدَّاتِ مَعَ الْأُمِّ

وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَا يُوَرِّثُ إِلَّا جَدَّتَيْنِ أُمَّ أُمٍّ وَأُمَّ أَبٍ وَأُمَّهَاتِهِمَا وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ

وَهُوَ قَوْلُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مَعَهُمْ

وَمَذْهَبُ زَيْدٍ قَدْ جَوَّدَهُ مَالِكٌ وَذَكَرَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ

قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ دِنْيَا شَيْئًا وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً وَأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأَبِ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ وَلَا مَعَ الْأَبِ شَيْئًا وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرِضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْجَدَّتَانِ أُمَّ الْأَبِ وَأُمَّ الْأُمِّ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى دُونَهُمَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ قَالَ مَالِكٌ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَنَّ أُمَّ الْأُمِّ إِنْ كَانَتْ أَقْعَدَهُمَا كَانَ لَهَا السُّدُسُ دُونَ أُمِّ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْأَبِ أَقَعَدَهُمَا أَوْ كَانَتَا فِي الْقُعْدَدِ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ

قَالَ مَالِكٌ وَلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنَ الْجَدَّاتِ إِلَّا لِلْجَدَّتَيْنِ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ الْجَدَّةَ ثُمَّ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَاهُ الثَّبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا ثُمَّ أَتَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهَا مَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنُكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا

قَالَ مَالِكٌ ثُمَّ لَمْ نَعْلَمُ أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ إِلَى الْيَوْمِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَشْبَعْنَا الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ ((التَّمْهِيدِ)) وَفِي كِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>