وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لَأَنْ أَكُونَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَلَالَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ فِيهِ خَبَرٌ فِي الْكِتَابِ أَوْ عَنِ الرَّسُولِ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ السَّائِلَ عَلَيْهِ وَيَكِلَ فَهْمَ ذَلِكَ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ عُمُومِ اللَّفْظِ وَظَاهِرِهِ
واختلف الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى الْكَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (يُورَثُ كَلَالَةً) النِّسَاءِ ١٢
فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ الْكَلَالَةُ صِفَةٌ لِلْوِرَاثَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْوِرَاثَةُ كَلَالَةً
وَمَنْ قَالَ بِهَذَا جَعَلَ كَلَالَةً نَصْبًا عَلَى الْمَصْدَرِ كَأَنَّهُ قَالَ يُورَثُ وِرَاثَةً أَيْ يُورَثُ بِالْوِرَاثَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَلَالَةً كَمَا تَقُولُ قُتَلَ غِيلَةً كَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً
وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَصْدَرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ أَحَاطَ بِهِ
وَقَالَ آخَرُونَ الْكَلَالَةُ صِفَةٌ لِلْوَرَثَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ سُمِّيَتِ الْوَرَثَةُ كَلَالَةً
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةً وَكَانَ لَا وَلَدَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ يُورِثُ كَلَالَةً بِكَسْرِ الرَّاءِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَنْ قَرَأَ يُورَثُ كَلَالَةً فَهُمُ الْعَصَبَةُ الرِّجَالُ الْوَرَثَةُ
وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَلَالَةَ صِفَةٌ لِلْمَيِّتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ سُمِّي الْمَيِّتُ كَلَالَةً إِنْ كَانَ رَجُلٌ أو امرأة كما يقال رَجُلٌ صَرُورَةٌ وَامْرَأَةٌ صَرُورَةٌ فِيمَنْ لَمْ يَحُجَّ وَمِثْلُهُ رَجُلٌ عَقِيمٌ وَامْرَأَةٌ عَقِيمٌ