يَقُلْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ وَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ لِأَنَّهُ وَغَيْرَهُ وَكُلَّ مِنْ تَكَلُّمٍ فِي الْفَرَائِضِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَخٌ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَعَ الْوَالِدِ كَمَا لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ وَهَذَا أَصْلٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ لَا مَعَ الْأَبِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ ((مِيرَاثِ الجد))
وقد قال مَالِكٌ فِي بَابِ ((مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مِنْ مُوَطَّئِهِ)) أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ شَيْئًا وَلَا مَعَ الأب دينا شَيْئًا
وَبِهَذَا اسْتَغْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَذْكُرَ الْوَالِدَ هُنَا لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُشْكِلُ عَلَى أَحَدٍ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أن الإخوة للأب والأم لا يرثون إلا من يورث كلالة ولا يُورَثُ كَلَالَةً إِلَّا مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاعِ السَّلَفِ أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - الْكَلَالَةَ فِي كِتَابِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِمَا وَارِثًا غَيْرَ الْإِخْوَةِ
فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي صَدْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) النِّسَاءِ ١٢
فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عُنِيَ بِهِمُ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ لَيْسَ مِيرَاثُهُمْ هَكَذَا
وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَسْتَفْتُونَكَ قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) إِلَى قَوْلِهِ (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النِّسَاءِ ١٧٦
فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْفُقَهَاءُ الْمُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لَيْسَ هَكَذَا لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - جَعَلَ جَمَاعَةَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ شُرَكَاءَ فِي الثُّلُثِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سواء وعلم الجميع بذلك أن الْإِخْوَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ وَدَلَّتِ الْآيَتَانِ جَمِيعًا أَنَّ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ كَلَالَةٌ
وَإِذَا كَانَ الْإِخْوَةُ كلالة فمعلوم أن من كان أبد مِنْهُمْ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَلَالَةً وَكُلُّ مَنْ لَا يَرِثُهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ فَقَدْ يورث كلالة